تجمعان كلّ السماوات الرائعة :
الأولى : أنّ المكان هو (مستقرّ صدق) وليس فيه باطل ، بل كلّه حقّ يجد فيه المتّقون كلّ ما وعدوا به كاملا غير منقوص.
الثانية : أنّهم في جوار وقرب الله سبحانه ، وهذا هو المستفاد من كلمة (عند) والذي يشير إلى غاية القرب المعنوي. وهذا القرب هو من الله المالك القادر .. ما أروعه عن قرب من الربّ الكريم الوهّاب والذي يمنح العطايا والهبات لضيوفه المتّقين بجميل لطفه وعظيم إحسانه وواسع كرمه ، حيث جميع ما في الوجود تحت قبضته وإمرته ومالكيته ، وهو المنّان الذي لا ينقصه شيء في السماوات والأرض ، والذي وعد المتّقين بالخير العظيم وأعدّ لهم عظيم العطايا والإحسان.
والنقطة الجديرة بالذكر في هاتين الآيتين والتي تتحدّث فيها عن الهبات وجزاء أصحاب اليمين ، حيث في البداية تتحدّث عن العطايا الماديّة التي تشمل البساتين الوارفة والحدائق الغنّاء والأنهار الجارية ، ثمّ تتحدّث بعد ذلك عن الجزاء المعنوي العظيم ، والذي يتجسّد بحضورهم من المليك المقتدر. وذلك تهيئة للإنسان من مرحلة إلى اخرى ، يغمرها الشوق والحبور ، والرغبة في العمل الصالح ، خصوصا أنّ تعابير (المليك) و (المقتدر) و (مقعد صدق) تدلّ جميعها على دوام وبقاء هذا الحضور والقرب المعنوي من الذات الإلهيّة.
* * *
بحوث
١ ـ التّقدير والحساب في كلّ شيء
تشير الآية الكريمة (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) رغم إيجازها إلى حقيقة مهمّة كامنة في جميع الكون وحاكمة عليه ، وهي دقّة الخلق والتقدير في جميع الوجودات.