المتصاعدة من مياه البحار لتتكوّن الغيوم وتنزل الأمطار) ... إنّ كلّ واحدة من هذه المعاني هبة عظيمة ونعمة لا مثيل لها ، وبدونها تستحيل الحياة أو تصبح ناقصة.
نعم إنّ النور الذي يمنحنا الدفء والحرارة والهداية والحياة والحركة يأتينا من السماء وكذلك الأمطار ، والوحي أيضا ، وبذلك فإنّ للسماء مفهوما عامّا ، مادّيا ومعنويا).
وإذا تجاوزنا كلّ هذه الأمور ، فإنّ هذه السماء الواسعة مع كلّ عوالمها هي آية عظيمة من آيات الله ، وهي أفضل وسيلة لمعرفة الله سبحانه ، وعند ما يتفكّر أولو الألباب في عظمتها فسوف يقولون دون إختيار (رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً). (١)
ثمّ يستعرض سبحانه النعمة السابعة حيث يقول تعالى : (وَوَضَعَ الْمِيزانَ).
«الميزان» كلّ وسيلة تستعمل للقياس ، سواء كان قياس الحقّ من الباطل ، أو العدل من الظلم والجور ، أو قياس القيم وقياس حقوق الإنسان في المراحل الاجتماعية المختلفة.
و (الميزان) يشمل كذلك كلّ نظام تكويني ودستور اجتماعي ، لأنّه وسيلة لقياس جميع الأشياء.
و «الميزان» لغة : (المقياس) وهو وسيلة لوزن الأجسام الماديّة المختلفة ، إلّا أنّ المقصود في هذه الآية ، ـ والذي ذكر بعد خلق السماء ـ أنّ لها مفهوما واسعا يشمل كلّ وسيلة للقياس بما في ذلك القوانين التشريعيّة والتكوينية ، وليس وسيلة منحصرة بقياس الأوزان الماديّة فقط.
ومن هنا فلا يمكن أن تكون الأنظمة الدقيقة لهذا العالم ، والتي تحكم ملايين الأجرام السماوية بدون ميزان وقوانين محسوبة.
وعند ما نرى في بعض العبارات أنّ المقصود بالميزان هو «القرآن الكريم» ، أو
__________________
(١) آل عمران ، ١٩١.