والبعض الآخر قال : إنّها مسألة الخلق والرزق والحياة والموت والعزّة والذلّة فقط.
والبعض الآخر عنون مسألة الخلق والموت بالنسبة للإنسان وقال : إنّ لله جيوشا ثلاثة : جيش ينتقل من أصلاب الآباء إلى أرحام الامّهات ، وجيش يخرج إلى عالم الدنيا من أرحام الامّهات ، وجيش يساق من عالم الدنيا إلى القبور.
وكما قلنا فإنّ للآية مفهوما واسعا يشمل كلّ خلق جديد وخلقة جديدة ، ويشمل كلّ تغيير وتحوّل في هذا العالم.
ونقرأ في رواية لأمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال في أحد خطبه : «الحمد لله الذي لا يموت ولا تنقضي عجائبه لأنّه كلّ يوم هو في شأن ، من إحداث بديع لم يكن» (١).
ونقرأ في حديث آخر للرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم في تفسيره الآية الكريمة : «من شأنه أن يغفر ذنبا ويفرّج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين» (٢).
ولا بدّ من الانتباه لهذه النقطة أيضا : إنّ المقصود من (يوم) هو ليس (النهار) في مقابل (الليل) بل يشمل الأحقاب المتزامنة ، وكذلك الساعات واللحظات ، ومفهومه أنّ الله المتعال في كلّ زمان في شأن وعمل.
كما أنّ البعض ذكروا شأنا نزوليا للآية ، وهو أنّها نزلت ردّا على قول اليهود الذين يعتقدون أنّ الله عزوجل يعطّل كلّ الأعمال في يوم السبت ، ولا يصدر أي حكم (٣). فالقرآن الكريم يقول : إنّ خلق الله وتدبيره ليس له توقّف.
ومرّة اخرى ـ بعد هذه النعم المستمرّة والإجابة لاحتياجات جميع خلقه من أهل السماوات والأرض يكرّر قوله سبحانه : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
* * *
__________________
(١) أصول الكافي مطابق نقل نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٩٣.
(٢) مجمع البيان نهاية الآية مورد البحث ، ونقل هذا الحديث أيضا في روح المعاني من صحيح البخاري.
(٣) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٠٢.