يَكْسِبُونَ). (١)
كما أنّ في بعض المحطّات يسأل الإنسان وبدقّة متناهية عن كافّة أعماله (٢).
وفي بعض المواقف يسلك الإنسان سبيل الجدل والدفاع والمخاصمة (٣).
وخلاصة القول : إنّ كلّ محطّة لها شروطها وخصوصياتها ، وكلّ واحدة منها أشدّ رعبا من الاخرى.
ومرّة اخرى يخاطب سبحانه عباده حيث يقول : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
نعم إنّه لا يسأل حيث (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) (٤) فهناك وجوه تطفح بالبشر والنور وتعبّر عن الإيمان وصالح الأعمال ، واخرى مسودّة قاتمة مكفهّرة غبراء تحكي قصّة كفرهم وعصيانهم قال تعالى : (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ مُسْتَبْشِرَةٌ وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ). (٥)
ثمّ يضيف سبحانه : (فَيُؤْخَذُ بِالنَّواصِي وَالْأَقْدامِ).
«النواصي» : جمع ناصية وكما يقول الراغب في المفردات أنّ الأصل بمعنى الشعر بمقدّمة الرأس من مادّة (نصأ) على وزن (نصر) وتعني الاتّصال والارتباط ، «وأخذ بناصيته» بمعنى أخذه من شعره الذي في مقدّمة رأسه ، كما تأتي أحيانا كناية عن الغلبة الكاملة على الشيء.
أقدام : جمع «قدم» بمعنى الأرجل.
والمعنى الحقيقي للآية المباركة هو أنّ الملائكة تأخذ المجرمين في يوم القيامة من نواصيهم وأرجلهم ، ويرفعونهم من الأرض بمنتهى الذلّة ويلقونهم في
__________________
(١) سورة يس ، ٦٥.
(٢) كما ورد في الآية موضع البحث والآيتين المشار لهما أعلاه.
(٣) كما ورد في الآية في سورة النحل الآية (١١١).
(٤) (سيما) في الأصل بمعنى العلامة ، وتشمل كلّ علامة في الوجه وسائر مواضع البدن ، ولأنّ علامة الرضا والغضب تبدو في الوجه أوّلا ، فإنّه يتداعى ذكر الوجه في ذكر هذه المفردات.
(٥) عبس. ٣٩ ـ ٤١.