للحقّ!
ومن هم المخاطبين هنا؟ هناك تفاسير متعدّدة أيضا ، فمنهم من اختار التّفسير آنف الذكر ، ومنهم من قال بأنّهما خازنا النيران.
وقال بعضهم ـ أيضا ـ من المحتمل أن يكون المخاطب واحدا فحسب ، وهو الشاهد الذي يرد عرصة القيامة مع المجرم ، وصرّحت به الآيات آنفة الذكر ، وتثنية الفعل هو من أجل التأكيد ، فكأنّه يؤكّد مرتين : «الق ، الق» واستعمال التثنية في خطاب المفرد وارد في لغة العرب ، إلّا أنّ هذا التّفسير بعيد جدّا. وخير التفاسير وأنسبها هو التّفسير الأوّل.
وفي الآية التالية إشارة إلى بعض الأوصاف التي يتّصف بها هؤلاء الكفّار ـ الذميمة المنحطّة إذ تقول الآية : (مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ).
«المنّاع» بحكم كونه صيغة مبالغة فإنّه يطلق على الشخص الذي يمنع كثيرا من الأمور ، فيكون التعبير بـ «منّاع للخير» يقصد به من يمنع كلّ عمل صالح فيه خير وبأيّة صورة كانت.
وقد ورد في بعض الرّوايات أنّ الآية نزلت في «الوليد بن المغيرة» حيث أنّه كان يمنع أبناء أخيه عن الإسلام ويقول لهم : طالما كنت حيّا فلن أعينكم في حياتكم (١).
وكلمة «معتد» معناها المتجاوز على الحدود ، سواء أكان متجاوزا لحقوق الآخرين أو لحدود الله وأحكامه!
وكلمة «مريب» مشتقّة من الريب ، وتعني من هو في شكّ ، الشكّ المقرون بسوء الظنّ ، أو من يخدع الآخرين فيجعلهم بما يقول أو يعمل في شكّ من أمرهم .. فيضلّوا عن سواء السبيل.
__________________
(١) روح المعاني ، ج ٢٦ ، ص ١٦٨.