وبناء على هذا فإنّهن بواكر ولم يمسهنّ أحد .. طاهرات من كلّ الجوانب.
نقل عن (أبي ذرّ) أنّ (زوجة الجنّة تقول لزوجها .. أقسم بعزّة ربّي إنّي لم أجد شيئا أفضل منك في الجنّة ، فالشكر لله وحده ، الذي جعلني زوجة لك وجعلك زوجا لي) (١).
«طرف» على وزن (حرف) بمعنى جانب العين ، وبما أنّ الإنسان عند ما يريد النظر يحرّك أجفانه ، لذا فقد استعمل هذا اللفظ كناية عن النظر ، وبناء على هذا فإنّ التعبير بقاصرات الطرف إشارة إلى النساء اللواتي يقصرن نظراتهنّ على أزواجهنّ. ويعني أنّهنّ يكننّ الحبّ والودّ لأزواجهنّ فقط ، وهذه هي إحدى ميزات الزوجة التي لا تفكّر بغير زوجها ولا تضمر لسواه الودّ.
وفي التعقيب على نعمة الجنّة هذه يكرّر قوله تعالى : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
ثمّ يتطرّق إلى المزيد من وصف الزوجات الموجودات في الجنّة حيث يقول : (كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ) حيث تكون بشرتهنّ باحمرار وصفاء ولمعان الياقوت وبياض وجمال غصون المرجان ، وعند ما يختلط هذان الوصفان (الأبيض والأحمر الشفّاف) فإنّه يمنحهنّ روعة الجمال التي لا مثيل لها.
الياقوت : حجر معدني ويكون غالبا أحمر اللون.
والمرجان : هو حيوان بحري يشبه أغصان الشجر ، يكون أبيض اللون أحيانا واخرى أحمر وألوان اخرى ، والظاهر أنّ المقصود به هنا هو النوع الأبيض (٢).
ومرّة اخرى ، وبعد ذكر هذه النعمة يقول سبحانه : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
وفي نهاية هذا البحث يقول عزوجل : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) (٣).
__________________
(١) مجمع البيان ، ج ٩ ، ص ٢٠٨.
(٢) بيّنا شرحا تفصيليا حول المرجان في نهاية الآية (٢٢) من هذه السورة.
(٣) ورد السؤال «هل» هنا بصيغة الاستفهام الاستنكاري ، وفي الحقيقة أنّ هذه الآية هي نتيجة للآيات السابقة والتي