بحث
جزاء الإحسان :
ما قرأناه في الآية الكريمة : (هَلْ جَزاءُ الْإِحْسانِ إِلَّا الْإِحْسانُ) هو قانون عام في منطق القرآن الكريم ، حيث يشمل الله سبحانه والخلق وكافّة العباد ، والمسلمون جميعا يعلمون بعمومية هذا القانون وعليهم مقابلة كلّ خير بزيادة ، كما ذكر الإمام الصادق عليهالسلام في حديثه أعلاه حيث يفترض أن يكون التعويض أفضل من العمل المنجز (المقدّم) وليس مساويا له ، وإلّا فإنّ المبتدئ بالإحسان هو صاحب الفضل.
وحول أعمالنا في حضرة البارئ عزوجل فإنّ المسألة تأخذ بعدا آخر ، حيث أنّ أحد الطرفين هو الله العظيم الكريم الذي شملت رحمته وألطافه كلّ عالم الوجود ، وإنّ عطاءه وكرمه يليق بذاته وليس على مستوى أعمال عباده ، وبناء على هذا فلا عجب أن نقرأ في تأريخ الأمم بصورة متكرّرة أنّ أشخاصا قد شملتهم العناية الإلهيّة الكبيرة بالرغم من إنجازهم لأعمال صغيرة ، وذلك لخلوص نيّاتهم ومن ذلك القصّة التالية :
نقل بعض المفسّرين أنّ شخصا مسلما شاهد امرأة كافرة تنثر الحبّ للطيور في الشتاء فقال لها : لا يقبل هذا العمل من أمثالك ، فأجابته : إنّي أعمل هذا سواء قبل أم لم يقبل ، ولم يمض وقت طويل حتّى رأى الرجل هذه المرأة في حرم الكعبة. فقالت له : يا هذا ، إنّ الله تفضّل عليّ بنعمة الإسلام ببركة تلك الحبوب القليلة (١).
* * *
__________________
(١) روح البيان ، ج ٩ ، ص ٣١٠.