ثمّ تضيف الآية التالية لتذكر وصفا ذميما لمن كان من طائفة الكفّار فتقول : (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ).
أجل : (فَأَلْقِياهُ فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ).
وفي هذه الآيات بيان ستّة أوصاف لأهل النار ، فالأوصاف الخمسة المتقدّمة بعضها لبعض بمثابة العلّة والمعلول ، أمّا الوصف السادس فإيضاح للجذر الأصيل لهذه الأوصاف.
لأنّ معنى الكفّار هو من أصرّ على كفره كثيرا ، وينتهي هذا الأمر إلى العناد.
والمعاند أو العنيد يصرّ على منع الخير أيضا ، ومثل هذا الشخص بالطبع يكون معتديا متجاوزا على حقوق الآخرين وحدود الله.
والمعتدون يصرّون على إيقاع الآخرين في الشّك والريب وسلب الإيمان عنهم.
وهكذا تبيّن أنّ هذه الأوصاف الخمسة أي «الكفّار والعنيد والمنّاع للخير والمعتدي والمريب» يرتبط بعضها ببعض ارتباطا وثيقا ، وبعضها لبعض يشكّل علاقة اللازم بالملزوم.
وفي الوصف السادس أي (الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ) يكمن الجذر الأصيل والأساس لجميع الانحرافات الآنف ذكرها ، والمراد من هذا الوصف هو الشرك ، لأنّ التدقيق فيه يكشف أنّ الشرك هو الباعث على جميع هذه الأمور المتقدّمة!
وفي الآية التالية يكشف الستار عن مشهد آخر وصورة اخرى ممّا يجري على هؤلاء الكفّار وعاقبتهم ، وهو المجادلة بينهم وبين الشيطان الغويّ في يوم القيامة ، فكلّ من الكفّار يلقي التبعات على الشياطين ، إلّا أنّ قرينه «الشيطان» يردّ عليه ويقول كما يحكي عنه القرآن : (قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ وَلكِنْ كانَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ). فلم أجبره على سلوك طريق الغواية والضلالة ، بل هو الذي سلكه باختياره