والمعنى الأصلي لهذه الكلمة متروك في الوقت الحاضر وتستعمل كلمة «عبقري» ككلمة مستقلّة بمعنى نادر الوجود ، وتأتي جمعا في بعض الأحيان ، كما في الآية مورد البحث.
و (حسان) جمع (حسن) على وزن «نسب» بمعنى جيّد ولطيف.
وعلى كلّ حال فإنّ هذه التعابير حاكية جميعا عن أنّ كلّ موجودات الجنّة رائعة : الفاكهة ، الغذاء ، القصور ، الأفرشة ... والخلاصة أنّ كلّ شيء فيها لا نظير له ولا شبيه في نوعه ، ولا بدّ من القول هنا أنّ هذه التعبيرات لا تستطيع أبدا أن تعكس تلك الإبداعات العظيمة بدقّة ، وإنّها تستطيع ـ فقط ـ أن ترسم لنا صورة تقريبية من الصورة الحقيقيّة للموجودات في الجنّة.
وللمرّة الأخيرة وهي (الحادية والثلاثون) يسأل سبحانه جميع مخلوقاته من الجنّ والإنس هذا السؤال : (فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
هل النعم المعنوية؟ أم النعم الماديّة؟ أم نعم هذا العالم؟ أم الموجودة في الجنّة؟ إنّ كلّ هذه النعم شملت وجودكم وغمرتكم .. إلّا أنّه ـ مع الأسف ـ قد أنساكم غروركم وغفلتكم هذه الألطاف العظيمة ، ومصدر عطائها وهو الله سبحانه الذي أنتم بحاجة مستمرّة إلى نعمه في الحاضر والمستقبل .. فأيّا منها تنكرون وتكذّبون؟
ويختم السورة سبحانه بهذه الآية الكريمة : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ).
«تبارك» من أصل (برك) على وزن (درك) بمعنى صدر البعير ، وذلك لأنّ الجمال حينما تبرك تضع صدرها على الأرض أوّلا ، ومن هنا استعمل هذا المصطلح بمعنى الثبات والدوام والاستقامة ، لذا فإنّ كلمة (مبارك) تقال للموجودات الكثيرة الفائدة ، وأكرم من تطلق عليه هذه الكلمة هي الذات الإلهيّة المقدّسة باعتبارها مصدرا لجميع الخيرات والبركات.