إنّ هاتين الآيتين توضّحان حقيقة مهمّة وهي أنّ جميع الخطوط تنتهي إلى ذاته المقدّسة ، وأنّ جميع ما في الوجود مصدره الله سبحانه ، فالدنيا منه ، والعقبى كذلك ، وإنّ جلاله وإكرامه قد شمل كلّ شيء.
٢ ـ ونقرأ في حديث للرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّ رجلا كان يدعو الله في حضرته حيث قال : «يا ذا الجلال والإكرام فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : قد استجيب لك فسل (١).
وجاء في حديث آخر أنّ الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم شاهد رجلا يقيم الصلاة حيث دعا بعد الركوع والسجود والتشهّد بهذا الدعاء : اللهمّ انّي أسألك بأنّ لك الحمد ، لا إله إلّا أنت وحدك لا شريك لك ، المنّان بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيّوم انّي أسألك ... فقال صلىاللهعليهوآلهوسلم : لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب ، وإذا سئل به أعطى» (٢).
٣ ـ نقرأ في حديث للإمام الباقر عليهالسلام في تفسير الآية : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ) أنّه قال : «نحن جلال الله وكرامته التي أكرم العباد بطاعتنا» (٣).
ومن الواضح أنّ أهل البيت عليهالسلام لا يدعون لغير الله ، ولا يأمرون بغير طاعته وهم هداة الطريق إليه ، وسفن النجاة في بحر الحياة المتلاطم. وبناء على هذا ، فإنّهم يمثّلون مصاديق جلال الله وإكرامه ، لأنّ الله تعالى قد شمل الناس بنعمة الهداية بواسطة أوليائه.
٤ ـ ذكر البعض أنّ أوّل آيات قرئت في مكّة على قريش علنا هي الآيات الأوائل لهذه السورة يقول عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال : اجتمع يوما أصحاب رسول الله فقالوا : والله ما سمعت قريش هذا القرآن يجهر لها به قطّ. فمن رجل يسمعهموه؟ فقال عبد الله بن مسعود : أنا ، قالوا : إنّا نخشاهم عليك ، إنّما نريد رجلا
__________________
(١) تفسير الدرّ المنثور ، ج ٦ ص ١٥٣.
(٢) تفسير الدرّ المنثور ، ج ٦ ، ص ١٥٣.
(٣) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٢٧٢.