له عشيرة يمنعونه من القوم إن أرادوه ، قال : دعوني فإنّ الله سيمنعني ، قال : فغذا ابن مسعود حتّى أتى المنام في الضحى ، وقريش في أنديتها ، حتّى قام عند المقام ثمّ قرأ : (بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) رافعا بها صوته : (الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ) قال : ثمّ استقبلها يقرؤها قال : فتأمّلوه فجعلوا يقولون : ماذا قال ابن أمّ عبد؟ قال : ثمّ قالوا : إنّه ليتلو بعض ما جاء به محمّد فقاموا إليه فجعلوا يضربون في وجهه ، وجعل يقرأ حتّى بلغ منها ما شاء الله أن يبلغ. ثمّ انصرف إلى أصحابه وقد أثّروا في وجهه.
فقالوا له : هذا الذي خشينا عليك ، فقال : ما كان أعداء الله أهون عليّ منهم الآن ، ولئن شئتم لأغادينّهم بمثلها غدا ، قالوا : لا حسبك قد أسمعتهم ما يكرهون (١).
ولهذا السبب فقد اعتبر ابن مسعود أوّل مسلم جهر بالقرآن في مكّة أمام المشركين (٢).
ربّنا ، يا ذا الجلال والإكرام ، نقسم عليك بجلالك وإكرامك ألّا تحرمنا من نعم وهبات الجنّة.
ربّاه ، إنّ دائرة رحمتك واسعة جدّا ، وإنّنا لم نعمل عملا يليق برحمتك ، فعاملنا بما يليق بمقام رحمانيّتك.
إلهنا ، نحن لا نكذّب أيّا من نعمك ، ونعتبر أنفسنا غارقين بإحسانك دائما ، فأدم نعمك علينا.
آمين يا ربّ العالمين.
نهاية سورة الرحمن
* * *
__________________
(١) سيرة ابن هشام ، ج ١ ، ص ٣٣٦.
(٢) اسد الغابة ، ج ٣ ، ص ٢٥٧.