تتحدّث عن القيامة.
وفي سورة الواقعة حيث يدور البحث حول محور المعاد ، نجد هذا واضحا في الآيات الاولى منها ، حيث يبدأ سبحانه بقوله : (إِذا وَقَعَتِ الْواقِعَةُ) (١).
(لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ) وذلك لأنّ الحوادث التي تسبقها عظيمة وشديدة بحيث تكون آثارها واضحة في كلّ ذرّات الوجود.
«الواقعة» تشير إشارة مختصرة إلى مسألة الحشر ، ولأنّ وقوعها حتمي فقد عبّر عنها بـ (الواقعة) واعتبر البعض أنّها إحدى أسماء القيامة.
كلمة (كاذبة) هنا أخذت بمعناها المصدري ، وهي إشارة إلى أنّ وقوع القيامة ظاهر وواضح إلى حدّ لا يوجد أي مجال لتكذيبه أو بحثه والنقاش فيه.
كما أنّ البعض فسّرها بمعناها الظاهري الذي هو اسم الفاعل ، حيث قالوا بعدم وجود من يكذّب هذا الأمر (٢).
وعلى كلّ حال فإنّ الحشر لا يقترن بتغيير الكائنات فحسب ، بل إنّ البشر يتغيّر كذلك كما يقول سبحانه في الآية اللاحقة (خافِضَةٌ رافِعَةٌ) (٣).
أجل ، أنّها تذلّ المستكبرين المتطاولين ، وتعزّ المحرومين المؤمنين وترفع المستضعفين الصادقين بعض يسقط إلى قاع جهنّم ، وبعض آخر إلى أعلى عليين في الجنّة.
وهذه هي خاصية المبادئ الإلهيّة العظيمة.
ولذلك نقرأ في رواية الإمام علي بن الحسين عليهالسلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «خافضة خفضت والله أعداء الله في النار ، رافعة رفعت والله أولياء الله إلى
__________________
(١) تعتبر (إذا) منصوبة على الظرفية والناصب له «ليس» الوارد في الآية الثانية مثل أن نقول «يوم الجمعة ليس لي شغل» ويحتمل أن تكون منصوبة بفعل مقدّر تقديره (ذكر) إلّا أنّ الرأي الأوّل هو الأنسب.
(٢) إنّ سبب كون الضمير مؤنثا لتقديره (نفس كاذبة) أو (قضيّة كاذبة) واعتبر البعض أنّ (اللام) في (لوقعتها) للتوقيت ، إلّا أنّ الظاهر أنّها للتعدية.
(٣) «خافضة رافعة» خبر لمبتدأ محذوف ، وفي الأصل (هي خافضة رافعة).