تعالى : (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ...) (١).
وللجواب على هذا السؤال يجدر الالتفات إلى نقطتين :
الاولى : إنّ المقصود من المقرّبين هم السابقون في الإيمان ، ومن المسلّم أنّ السابقين لقبول الإسلام في المصدر الأوّل منه كانوا قلّة ، أوّلهم من الرجال الإمام على عليهالسلام ، ومن النساء خديجة (رض) ، في الوقت الذي نعلم أنّ كثرة الأنبياء السابقين وتعدّد أممهم ، ووجود السابقين في كلّ امّة يؤدّي إلى زيادتهم من الناحية العددية.
والنقطة الثانية : أنّ الكثرة العددية ليست دليلا على الكثرة النوعية ، حيث يمكن أن يكون عدد السابقين في هذه الامّة قليلا ، إلّا أنّ مقامهم أفضل كثيرا ، كما هو المعروف بين الأنبياء أنفسهم ، إذ يختلفون باختلاف درجاتهم : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ). (٢)
وممّا يلزم ذكره أنّ قسما من المؤمنين لم يندرجوا في زمرة السابقين في الإيمان ، مع توفّر الصفات والخصوصيات فيهم والتي تجعلهم بنفس درجة السابقين من حيث الأجر والجزاء ، لذلك فقد نقل في بعض الرّوايات عن الإمام الباقر عليهالسلام أنّه قال : «نحن السابقون السابقون ونحن الآخرون» (٣).
وجاء في رواية عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه خاطب مجموعة من أصحابه فقال لهم : «أنتم السابقون الأوّلون والسابقون الآخرون ، والسابقون في الدنيا إلى ولا يتنا ، وفي الآخرة إلى الجنّة» (٤).
ومن الجدير بالملاحظة أنّ بعض المفسّرين فسّر «الأوّلين والآخرين» ب
__________________
(١) آل عمران ، ١١٠.
(٢) البقرة ، ٢٥٣.
(٣) تفسير الصافي نهاية الآية مورد البحث.
(٤) تفسير الصافي نهاية الآية مورد البحث