المنعّمين في مجالس الانس والسرور (١).
(موضون) من مادّة (وضنّ) على وزن (وزن) وهي في الأصل بمعنى نسج الدرع ، ثمّ أطلقت على كلّ منسوج محكم الخيوط والنسيج. والمقصود هنا هي الأسرة الموضوعة جنبا إلى جنب بصورة متراصّة. أو أنّ لهذه الأسرة حياكة مخصوصة من اللؤلؤ والياقوت وما إلى ذلك ، كما قال بعض المفسّرين.
وعلى كلّ حال ، فإنّ بناء هذه الأسرة وكيفية وضعها ، ومجلس الانس الذي يتشكّل عليها ، وأجواء السرور والفرح التي تغمرها ، لا نستطيع وصفه بأي بيان.
ونلاحظ استمرار الأوصاف الرائعة في القرآن الكريم لسرر الجنّة ، ومجالس أهلها ، ومنتديات أحبّتها ممّا يدلّ على أنّ من أهم نعم وملذّات هؤلاء هي جلسات الانس هذه ...
أمّا أحاديثهم وما يدور في حفلاتهم فليس هنالك أحد يعلم حقيقتها ، فهل هي عن أسرار الخلق وعجائب الكون؟ أو عن اصول المعرفة وأسماء الله وصفاته الحسنى؟ أو عن الحوادث التي حدثت في هذا العالم؟ أو عن الراحة التي هم عليها بعد التعب والعناء؟ أو عن امور اخرى لا نستطيع إدراكها ...؟ هذا هو سرّ لا يعلمه إلّا الله.
ثمّ يتحدث سبحانه عن نعمة اخرى لهم حيث يقول : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ).
التعبير بـ «يطوف» من مادّة (طواف) إشارة إلى استمرار خدمة هؤلاء (الطوافين) لضيوفهم.
والتعبير بـ «مخلّدون» إشارة إلى خلود شبابهم ونشاطهم وجمالهم وطراوتهم ، والأصل أن جميع أهل الجنّة مخلّدون وباقون.
__________________
(١) مفردات الراغب مادّة (سر).