وتحطّمها ، أو يسلّط عليها آفة تتلفها بعد الإنبات كالجراد ، أو تنزل عليها صاعقة كبيرة بحيث لا تبقي ولا تذر إلّا شيئا من التبن اليابس ، وعند ذلك تضطربون وتندمون عند مشاهدتكم لمنظرها.
هل كان بالإمكان حدوث مثل هذه الأمور إذا كنتم أنتم الزارعون الحقيقيون؟ إذا فاعلموا أنّ كلّ هذه البركات من مصدر آخر.
«حطام» : من مادّة (حطم) على وزن (حتم) تعني في الأصل كسر الشيء ، وغالبا ما تطلق على كسر الأشياء اليابسة كالعظام النخرة وسيقان النباتات الجافّة ، والمقصود هنا هو التبن.
ويحتمل أيضا أنّ المقصود بالحطام هنا هو فساد البذور في التربة وعدم نموّها (١).
«تفكّهون» : من مادّة (فاكهة) بمعناها المتعارف ، كما تطلق فكاهة على المزاح وذكر الطرائف التي هي فاكهة جلسات الانس ، ويأتي هذا المصطلح أحيانا للتعجّب والحيرة ، والآية مورد البحث من هذا القبيل.
في بعض الأحيان يضحك الإنسان في الحالة العصبية وتسمّى هذه الضحكة بـ (ضحكة الغضب) كما في المزاح الذي يكون عند الظروف الصعبة والمصائب الثقيلة ، وبناء على هذا فالمقصود : بالفاكهة ـ أحيانا ـ هو المزاح المقترن بالألم.
نعم تتعجّبون وتغمركم الحيرة وتقولون (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ (٢) (٣) بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ).
وإذا كنتم أنتم الزارعين الحقيقيين ، فهل بإمكانكم أن تمنعوا وتدفعوا عن زرعكم الأضرار والمصير المدمّر والنتيجة البائسة؟ وهذا التحدّي يؤكّد لنا أنّ جميع امور الخلق من الله سبحانه ، وكذلك فإنّه هو الذي ينبت من بذرة لا قيمة لها
__________________
(١) تفسير أبو الفتوح الرازي نهاية الآية مورد البحث.
(٢) لجملة (إِنَّا لَمُغْرَمُونَ) محذوف ، تقديره (وتقولون إنّا لمغرمون).
(٣) «مغرمون» : من مادّة (غرامة) بمعنى الضرر وفقدان الوقت والمال.