وهل أنّ إحياء الموتى غير هذا؟
أليس إحياء الأراضي الميتة نوعا من أنواع إحياء الموتى؟
نعم ، إنّه دليل على ذلك ، وهو دليل على التوحيد وعظمة القدرة الإلهيّة ، ودليل أيضا على الحشر والمعاد.
وإذا لاحظنا في الآيات أعلاه عملية استعراض لماء الشرب ـ فقط ـ وعدم التحدّث عن تأثيره في حياة الحيوانات أو النباتات فإنّ السبب هو الأهميّة البالغة للماء في حياة الإنسان نفسه ، بالإضافة إلى أنّه قد أشير له في الآيات السابقة في الحديث الزرع ، لذا لا حاجة لتكرار ذلك.
والطريف هنا أنّ أهميّة الماء وتأثيره في حياة الإنسان تزداد مع مرور الزمن وتقدّم الصناعة والعلم والمعرفة الإنسانية ، فالإنسان الصناعي يحتاج إلى الماء بصورة متزايدة ، لذلك فإنّ كثيرا من المؤسسات الصناعية العظيمة لا تكون لها القدرة على الفاعلية إلّا حينما تكون على ضفاف الأنهار العظيمة.
وأخيرا ـ ولإكمال البحث في الآية اللاحقة ـ يقول سبحانه : (لَوْ نَشاءُ جَعَلْناهُ أُجاجاً فَلَوْ لا تَشْكُرُونَ) (١).
نعم ، لو أراد الله تعالى ، للأملاح المذابة في مياه البحار أن تتبخّر مع ذرّات الماء ، وتصعد إلى السماء معها وتشكّل غيوما مالحة ومرّة ، وتنزل قطرات المطر مالحة مرّة أيضا كمياه البحر ، فهل هنالك من قوّة تمنعه؟ ولكنّه بقدرته الكاملة لم يسمح للأملاح بذلك ، ولا للمكروبات ـ أيضا ـ أن تصعد إلى السماء مع بخار الماء. ولهذا فإنّ قطرات المطر عند ما يكون الجوّ غير ملوّث تعتبر أنقى وأطهر وأعذب المياه.
«أجاج» : من مادّة (أجّ) على وزن (حجّ) وقد أخذت في الأصل من «أجيج
__________________
(١) في هذه الجملة حذفت اللام وفي التقدير هكذا «لو نشاء لجعلناه».