ويقبل على طاعته دائما ويتوب من كلّ ذنب ، وأن يواصلوا هذه الحالة حتّى نهاية العمر ويردّوا عرصات المحشر على هذه الكيفية!.
ثمّ تضيف الآية الاخرى بأنّ أولئك الذين يتمتّعون بالصفات الأربع هذه حين تتلقّاهم الملائكة عند أبواب الجنّة يقولون لهم بنهاية التجلّة والإكرام (ادْخُلُوها بِسَلامٍ).
«السلام» من كلّ أنواع الأذى والسوء والعذاب والمعاقبة ، السلامة الكاملة في لباس الصحّة والعافية.
ولطمأنتهم يضاف أنّ ذلك اليوم يوم الدعّة و (ذلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ).
وإضافة لهاتين البشارتين بشرى الدخول بسلام ، وبشرى الخلود في الجنّة ، يبشّرهم الله بشريين أخريين بحيث تكون مجموع البشريات أربعا كما أنّهم يتّصفون بأربع صفات يقول : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها).
وإضافة إلى كلّ ذلك فإنّه (لَدَيْنا مَزِيدٌ) من النعم التي لم تخطر ببال أحد.
ولا يمكن أن يتصوّر تعبير أبلغ من هذا التعبير وأوقع منه في النفس ، إذ يقول القرآن أوّلا : (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها) على سعة معنى العبارة وما تحمله من مفهوم إذ لا استثناء فيها ، ثمّ يضاف عليها المزيد من قبل الله ما لم يخطر بقلب أحد ، حيث أنّ الله الذي أنعم على المتّقين فشملهم بألطافه الخاصّة وهم يتنعمّون فيها ، وهكذا فإنّ نعم الجنّة ومواهبها ذات أبعاد واسعة لا يمكن أن توصف بأيّ بيان.
كما يستفاد من هذا التعبير ضمنا أنّه لا مقايسة بين أعمال المؤمنين وثواب الله ، بل هو أعلى وأسمى منها كثيرا ، والجميع في يوم القيامة يواجهون فضله أو عدله! ونجازى بعدله!
وبعد الانتهاء من بيان الحديث حول أهل الجنّة وأهل النار ودرجاتهما ، فإنّ القرآن يلفت أنظار المجرمين للعبرة والاستنتاج فيقول : (وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَشَدُّ مِنْهُمْ بَطْشاً فَنَقَّبُوا فِي الْبِلادِ) فكانت تلك الأقوام أقوى من هؤلاء