وَرَيْحانٌ) يعني في قبره (وجنّة نعيم) يعني في الآخرة (١) (٢).
ثمّ يضيف سبحانه : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ) وهم تلك الثلّة الصالحة من الرجال والنساء الذين يستلمون صحيفة أعمالهم بيدهم اليمنى كعلامة للفوز والنصر والنجاح (فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ).
وبهذا الترتيب فإنّ ملائكة الله المختصّين بقبض الروح في لحظات الانتقال من هذه الدنيا يوصلون سلام أصحاب اليمين إلى المحتضر. كما قال تعالى في وصف أهل الجنّة وكلامهم : (إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً) (٣).
ويوجد احتمال آخر أيضا في تفسير هذه الآية وهو أنّ السلام يكون من قبل الملائكة حين يقولون له : سلام عليك أيّها العبد الصالح ، يا من هو من أصحاب اليمين ، أي يكفيك من الافتخار والوصف أن تكون في صفّ هؤلاء (٤).
وتبيّن بعض الآيات القرآنية الاخرى أيضا أنّ المؤمنين وهم في حالة الاحتضار يتلقّون سلاما من الملائكة كما في قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٥).
وعلى كلّ حال فإنّ تعبير (سلام) تعبير ذو معنى ، سواء كان من الملائكة أو من أصحاب اليمين ، فالسلام يعبّر عن الروح والريحان وكلّ أنواع الهدوء والنعمة
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٢٨ ، حديث ١٠٣ ، ١٠٤.
(٢) «روح» من الممكن أن تكون خبرا لمبتدأ محذوف تقديره (فجزاؤه روح) ، أو مبتدأ لخبر محذوف تقديره (فله روح) ، وجملة (فروح وريحان وجنّة نعيم) تكون جزاء (أمّا) وانّ الشرطية مع وجود هذا الجزاء مستغنية من الجزاء الآخر (يرجى الانتباه).
(٣) الواقعة ، ٢٦.
(٤) وبناء على هذا فللآية تقديران ، الأوّل بلحاظ أنّ (من) بيانية ، وعندئذ تكون الصورة كما يلي : يقال له : سلام لك من أصحاب اليمين. أمّا الصورة الثانية فبلحاظ أنّ (من) ابتدائية فتكون بالشكل التالي : سلام لك انّك كنت من أصحاب اليمين. إلّا أنّه بملاحظة التّفسير الأوّل فإنّ له تقديرا واحدا وهو : (يقال له ...).
(٥) النمل ، ٣٢.