والسلامة (١).
وينبغي الانتباه إلى أنّ التعبير بـ «أصحاب اليمين» سببه أنّ الإنسان في الغالب يتصدّى لإنجاز أعماله الأساسية والمهمّة بيده اليمنى ، لذلك فإنّ اليد اليمنى دلالة القدرة ، والمهارة والقابلية والنجاح.
ونقرأ في حديث للإمام الباقر عليهالسلام في تعقيبه على نهاية هذه الآية أنّه قال : «هم شيعتنا ومحبّونا» (٢).
ثمّ تستعرض الآيات الكريمة القسم الثالث الذين مرّ ذكرهم في أوائل هذه السورة عبر التصنيف الذي ذكر واصطلح عليهم بـ (أصحاب الشمال) حيث يقول تعالى : (وَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُكَذِّبِينَ الضَّالِّينَ فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) (٣).
نعم ، إنّهم على مشارف الموت حيث يذوقون أوّل عذاب إلهي ، ويتجرّعون مرارة عقاب يوم القيامة في القبر والبرزخ ، ولأنّ الحديث عن حال المحتضر فإنّ جملة (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) من الأنسب أن يكون المراد منها هو عذاب البرزخ ، (وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ) إشارة إلى عذاب يوم القيامة.
ونقل في هذا المعنى روايات عديدة لأئمّة أهل البيت عليهمالسلام (٤).
والنقطة الجديرة بالذكر هنا أنّ كلمة (المكذّبين الضالّين) ذكرت الواحدة تلو الاخرى ، حيث أنّ الاولى تشير إلى تكذيب القيامة ووحدانية الله سبحانه ونبوّة الرّسول ، والثانية تشير إلى الأشخاص الذين انحرفوا عن طريق الحقّ.
وهذا التعبير بالإضافة إلى أنّه يؤدّي معنى التأكيد ، فإنّه يمكن أن يكون إشارة إلى أنّ قسما من الأشخاص الضالّين من فصيلة الأفراد المستضعفين أو الجهلة
__________________
(١) حول التحيّات التي تقدّم لأصحاب الجنّة ، جاء بحث مفصّل عنها في نهاية الآية (٥٨) من سورة يونس.
(٢) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٢٨٥.
(٣) نزل خبر لمبتدأ محذوف تقديره فجزاؤه نزل من حميم ، أو مبدأ لخبر محذوف تقديره ، فله نزل من حميم.
(٤) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٢٢٩.