القاصرين الذين ليس لديهم إصرار وعناد على الباطل ، يمكن أن تشملهم الألطاف الإلهيّة. أمّا المكذّبون المعاندون فإنّهم سيبتلون بالمصير البائس والعاقبة السيّئة التي تقدّم ذكرها.
«حميم» : بمعنى الماء الحارق أو الرياح الحارة والسموم. و (تصلية) مأخوذة من مادّة (صلى) على وزن (سعى) بمعنى الاحتراق والدخول في النار.
أمّا (تصلية) المتعدية فتأتي بمعنى الإحراق فقط.
وفي نهاية هذا الحديث يضيف سبحانه : (إِنَّ هذا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ).
والمعروف بين المفسّرين أنّ «حقّ اليقين» من قبيل الإضافة البيانية ، يعني أنّ الذي تقدّم ذكره حول الأقسام الثلاثة وهم (المقرّبون وأصحاب اليمين والمكذّبون) فهو عين الحقيقة والحقّ واليقين.
وهنا يوجد احتمال أيضا وهو : بما أنّ لليقين درجات متعدّدة ، فإنّ أعلى مرحلة له هي (حقّ اليقين) أي يقين واقعي كامل وخال من كلّ شكّ وشبهة وريب (١).
وممّا قلنا يتّضح أنّ (هذا) في هذه الآية إشارة إلى أحوال الأقسام الثلاثة الآنفة الذكر ، كما احتمل البعض أيضا أنّها إشارة إلى كلّ محتويات سورة الواقعة أو القرآن أجمع ، إلّا أنّ التّفسير الأوّل هو الأنسب.
وهنا نقطة جديرة بالذكر أيضا وهي أنّ التعبير بـ (فسبّح) ـ الفاء تفريعيّة ـ هو إشارة إلى أنّ ما قيل حول الأقسام الثلاثة هو عين العدالة ، وبناء على هذا اعتبر (ربّك) منزّها من كلّ ظلم ، وإذا ما أريد الابتعاد عن مصير أصحاب الشمال فعلينا أن نتنزّه من كلّ شرك وظلم المتلازمان مع إنكار القيامة.
__________________
(١) طبقا لهذا التّفسير فإنّ إضافه حقّ إلى كلمة (يقين) جاءت للاختصاص والتقييد ، واعتبرها البعض ـ أيضا ـ من قبيل إضافة الموصوف إلى الصفة وقالوا بمعنى (اليقين) الحقّ.