والمراد من «نحيي» هو الحياة الاولى في الدنيا ، والمراد من «نميت» هو في نهاية العمر ، وجملة «إلينا المصير» إشارة إلى الأحياء في يوم القيامة.
وفي الحقيقة أنّ الآية تشير إلى هذه الحقيقة وهي كما أنّ الحياة والموت في الدنيا بأيدينا ، فكذلك المعاد ، وقيام الساعة بأيدينا أيضا.
ثمّ يضيف القرآن فيخبر عن ميقات النشور فيقول : (يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً) أي يخرجون مسرعين من القبور (١) ويضيف مختتما : (ذلِكَ حَشْرٌ عَلَيْنا يَسِيرٌ).
و «الحشر» معناه الجمع من كلّ جهة ومكان.
وواضح أنّ خالق السماوات والأرض وما بينهما من اليسير عليه أن ينشر الموتى ويحشرهم للحساب والثواب أو العقاب.
وأساسا ، فإنّ موضوع الصعوبة واليسر يقال في من يتمتع بقدرة محدودة ، إلّا أنّ القادر على كلّ شيء ولا حدّ لقدرته فكلّ شيء عليه سهل ويسير.
الطريف هنا أنّنا نقرأ في بعض الرّوايات : أنّ أوّل من يبعث ويخرج من قبره ويرد المحشر هو النّبي الأكرم محمّد صلىاللهعليهوسلم وعلي معه (٢).
أمّا آخر آية من الآيات محلّ البحث وهي آخر آية من سورة ق ذاتها فهي تخاطب النّبي وتسرّي عنه وتسلّي قلبه لما يلاقيه من المعاندين والكفرة فتقول : (نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَقُولُونَ وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِجَبَّارٍ).
فمسؤوليتك البلاغ والدعوة نحو الحقّ والبشارة والنذارة : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (٣).
__________________
(١) «سراعا» منصوب على أنّه حال للفاعل في «يخرجون» المحذوف والتقدير «يخرجون سراعا» وهو مجمع لكلمة «سريع» كما في «كرام» جمع «كريم» والبعض يرى أنّ «سراع» مصدر في موضع الحال.
(٢) كتاب الخصال : طبقا لما نقل في تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١١٩.
(٣) كلمة وعيد أصلها وعيدي ، وحذفت ياؤها وأبقيت الكسرة لتدلّ عليها وهي مفعول للفعل يخاف.