وقد ورد في تفسير القرطبي عن ابن عبّاس أنّه قال جاء جماعة إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقالوا أنذرنا يا رسول الله وبشّرنا ، فنزلت الآية محلّ البحث وقالت : (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَنْ يَخافُ وَعِيدِ) (١).
وذلك إشارة إلى أنّ القرآن كاف للإنذار وإيقاظ المؤمنين ، فكلّ صفحة منه تذكر بيوم القيامة وآياته المختلفة التي تتحدّث عن قصص الماضين وعاقبتهم وتصف أهل النار وأهل الجنّة وما يقع عند قيام الساعة في محكمة عدل الله هي خير موعظة ونصيحة لجميع الناس.
والحقّ أن تذكر مشهد تشقّق الأرض وولوج الأرواح في الموتى وخروجهم من القبر واكتسائهم ثوب الحياة وتحركهم في حال من الوحشة والاضطراب من القرن حتّى القدم وهم يساقون إلى محكمة عدل الله هذا المشهد مثير جدّا.
ولا سيّما أنّ بعض القبور يضمّ في لحده على تقادم الزمان ومرور الأعوام أجسادا متعدّدة من الناس بعضهم صالح وبعضهم طالح وبعضهم مؤمن وبعضهم كافر وكما يقول المعرّي :
ربّ قبر قد صار قبرا مرارا |
|
ضاحك من تزاحم الأضداد |
ودفين على بقايا دفين |
|
في طويل الآجال والآماد! |
ربّنا اجعلنا من الذي يخافون وعيدك ويتّعظون بالقرآن.
اللهمّ ارحمنا يوم يستوحش الناس ويضطربون فيه وألق في نفوسنا السكينة والطمأنينة.
إلهنا .. إنّ أيّام العمر مهما طالت فهي تمضي سراعا وما هو خالد فذاك اليوم الآخر والدار الآخرة ، فارزقنا حسن العاقبة والنجاة في الآخرة!
آمّين يا رب العالمين
انتهاء سورة ق
* * *
__________________
(١) القرطبي ، ج ٩ ، ص ٦١٩٨.