مواهبه وخالق البحر» (١).
ويضيف القرآن في الآية التالية قائلا : (وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ) أي أفلا تبصرون هذه الآيات في أنفسكم أيضا؟!
ولا شكّ أنّ الإنسان أعجوبة عالم الوجود وما هو في العالم الأكبر موجود في عالم الإنسان الأصغر أيضا ، بل في الإنسان عجائب لا توجد في أي مكان من العالم!
والعجب أنّ هذا الإنسان على عظمته وعقله وعلمه وهذا الابتداع والابتكار والصنع العجيب كان أوّل يومه على صورة نطفة صغرى لا قيمة لها!! لكن ما أن استقرّت في الرحم حتّى تكاملت بسرعة وتبدلّت يوما بعد يوم ولحظة بعد اخرى فإذا هذه النطفة التي لا قيمة لها تغدو إنسانا كاملا سويّا!
خليّة واحدة التي هي أصغر جزء في بدن الإنسان تشكّل بناية ضخمة متداخلة عجيبة فهي على حدّ تعبير بعض العلماء تعادل «مدينة صناعية».
يقول أحد علماء «علم الأحياء» إنّ هذه المدنية العظمى مع آلاف الأبواب أو البوابات المثيرة وآلاف المعامل والمخازن وشبكات المجاري والتأسيسات الكثيرة والارتباطات والأعمال الحياتية المختلفة كلّ ذلك في مساحة صغيرة جدّا بمقدار خلية من أكثر الأمور تعقيدا وإثارة ، إذ لو أردنا أن نهيّئ تأسيسات مثلها ولن نستطيع أبدا ـ لكان علينا أن نشغل مساحة آلاف الهكتارات من الأرض وعليها البنايات والماكنات المختلفة المعقّدة لنصل إلى مثل هذه الخطّة!!
إلّا أنّ الطريف أنّ جهاز الخلقة جعل كلّ ذلك في مساحة تعدل خمسة عشر ميلونيم الميليمتر فحسب (٢).
إنّ الأجهزة الموجودة في بدن الإنسان كالقلب والكلية والرئة وخاصّة
__________________
(١) الكاتب كرسي موريسين في كتابه (أسرار خلق الإنسان) من ص ٣٣ إلى ٣٦.
(٢) سفرة في أعماق وجود الإنسان قسم الخلايا.