صحيح أنّ الاستفادة من مواهب الحياة مشروطة بالجدّ والسعي والمثابرة وأنّ الكسل والخنوع مدعاة للتأخّر والحرمان من الحياة .. إلّا أنّه من الخطأ البيّن أن نتصوّر أنّ رزق الإنسان يزداد بالحرص والولع والأعمال الكثيرة وأنّ رزقه يقلّ بالتعفّف والتجلّد وما إلى ذلك.
ونلاحظ في الأحاديث الإسلامية تعابير طريفة في هذا المجال : ففي حديث عن النّبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «إنّ الرزق لا يجرّه حرص حريص ولا يصرفه كره كاره» (١).
وفي حديث آخر عن الصادق عليهالسلام جوابا على بعض أصحابه وقد طلب منه أن يعظه وينصحه فقال عليهالسلام «... وإن كان الرزق مقسوما فالحرص لماذا» (٢)؟!
والهدف من بيان هذه الأحاديث ليس هو الوقوف بوجه الجدّ والسعي بل هو تنبيه الحريصين أن يلتفتوا إلى أنّ رزقهم مقدّر ليرتدعوا عن حرصهم!.
وهنا لطيفة جديرة بالالتفات وهي أنّ الرّوايات الإسلامية ذكرت أمورا كثيرة على أنّها مدعاة للرزق أو مانعة له ، وكلّ منها مهمّ في نفسه!
نقرأ عن الإمام الصادق عليهالسلام أنّه قال : «والذي بعث جدّي بالحقّ نبيّا انّ الله تبارك وتعالى يرزق العبد على قدر المروءة وأنّ المعونة تنزل على قدر شدّة البلاء» (٣).
وعنه عليهالسلام أنّه قال : «كفّ الأذى وقلّة الصخب يزيدان في الرزق» (٤). كما نقل عن نبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم أنّه قال : «التوحيد نصف الدين واستنزل الرّزق بالصدقة» (٥).
وهناك امور أخر ذكرت على أنّها مدعاة لزيادة للرزق كتنظيف نواحي البيت وغسل الأواني وتنظيفها.
* * *
__________________
(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٢٦.
(٢) المصدر السابق.
(٣) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ١٢٥ الحديث ٣١.
(٤) المصدر السابق ، ص ١٢٦ (الحديثان ٣٥ و٣٧).
(٥) المصدر السابق.