فائدة ـ تصغير أفعال التعجب : قال ابن السراج في (الأصول) : فإن قيل : ما بال أفعال التعجّب تصغّر نحو : ما أميلحه! وما أحيسنه! والفعل لا يصغّر؟ فالجواب : أن هذه الأفعال لمّا لزمت موضعا واحدا ، ولم تتصرف ، ضارعت الأسماء التي لا تزول إلى يفعل وغيره من الأمثلة.
فصغّرت كما تصغّر. قال : ونظير ذلك دخول ألفات الوصل في الأسماء نحو : ابن ، واسم ، وامرئ ، ونحوهما لمّا دخلها النقص الذي لا يوجد إلا في الأفعال ، والأفعال مخصوصة به ، دخلت عليها ألفات الوصل لهذا السبب ، فأسكنت أوائلها للنقص.
وقال الزمخشريّ في (الأحاجي) (١) : فإن قلت : كيف عاق معنى الفعل أو شبهه عن التصغير ، والفعل نفسه قد صغّر في قولك : ما أميلح زيدا؟ قلت هو شيء عجيب ، لم يأت إلا في باب التعجب وحده ، وسبيله على شذوذه سبيل المجاز. وذلك أنهم نقلوا التصغير من المتعجّب منه إلى الفعل الملابس له ، كما ينقلون إسناد الصوم من الرجل إلى النهار في نهارك صائم. فكما أن الصوم ليس للنهار كذلك التصغير ليس للفعل.
باب النسب
قاعدة : إلى ما آخره ياء مشددة
كلّ ما آخره ياء مشدّدة فإنها عند النسب لا تبقى ، بل إما أن تحذف بالكلية ، ككرسيّ ، وبختيّ ، وشافعيّ ، ومرميّ ، أو يحذف أحد حرفيها ويقلب الثاني واوا كرميّة ، وتحية ، فيقال : رمويّ ، وتحويّ ، أو يبقى أحدهما ، ويقلب الآخر كحي وحيويّ. ويستثنى من ذلك كساء إذا صغّرته ، ثم نسبت إليه ، فإن ياءه المشددة تبقى بحالها مع ياء النسب.
وذلك أن تصغيره كسيّ ، لأنّه يجتمع فيه ثلاث ياءات : ياء التصغير والياء المنقلبة عن الألف والياء المنقلبة التي هي لام الكلمة ، فتحذف الياء المنقلبة عن الألف ، وتدغم ياء التصغير في الياء الأخيرة ، فتبقى كسيّ كأخيّ ، ثم تدخل ياء النسب ، فيقال : كسي ، ولا يجوز أن تحذف إحدى الياءين الباقيتين ، لأنك إن حذفت ياء التصغير لم يجز ، لأنها لمعنى ، والمعنى باق. وإن حذفت الياء الأخيرة لم يجز ، لما فيه من توالي إعلالين من موضع واحد ، إذ قد تقدم من حذف الياء التي كانت منقلبة عن ألف كساء ، مع ما فيه من تحريك ياء التصغير ، فلهذا التزم فيه التثقيل.
__________________
(١) انظر أحاجي الزمخشري (ص ٥٧).