الفن الثالث
الحمد لله على ما أنعم وألهم ، وأوضح من دقائق الحقائق وفهّم ، وصلّى الله على رسوله محمد وآله وصحبه وسلّم.
هذا هو الفنّ الثالث من الأشباه والنظائر. وهو فنّ بناء المسائل بعضها على بعض ، مرتّبا على الأبواب. وسمّيته (سلسلة الذهب في البناء من كلام العرب).
باب الإعراب والبناء
مسألة : فعل الأمر العاري من اللام وحرف المضارعة
اختلف في فعل الأمر العاري من اللام ، وحرف المضارعة ، نحو : (اضرب) على مذهبين :
أحدهما : أنّه مبني وعليه البصريّون (١).
والثاني : أنه معرب مجزوم بلام محذوفة ، وهو رأي الكوفيين.
قال أبو حيّان : واختاره شيخنا أبو عليّ الحسن بن أبي الأحوص ، والخلاف في هذه المسألة مبنيّ على الخلاف في ثلاث مسائل :
الأولى : هل الإعراب أصل في الفعل كما هو أصل في الاسم ، أم لا؟ فمذهب البصريين لا ، وأنّ الأصل في الأفعال البناء ، والمضارع إنما أعرب لشبهه بالاسم ، وفعل الأمر لم يشبه الاسم ، فلا يعرب. ومذهب الكوفيين نعم ، فهو معرب على الأصل في الأفعال.
الثانية : هل يجوز إضمار لام الجزم وإبقاء عملها؟ فمذهب البصريين : لا ، وأنه لا يجوز حذف شيء من الجوازم أصلا ، وإبقاء عمله. ومذهب الكوفيين نعم.
الثالثة : قال أبو حيّان : جعل بعض أصحابنا هذا الخلاف في الأمر مبنيا على مسألة اختلفوا فيها ، وهي : هل للأمر صيغة مستقلّة بنفسها مرتجلة ، ليس أصلها المضارع ، أو هي صيغة مغيّرة ، وأصلها المضارع؟.
فمن قال : أصلها المضارع اختلفوا أهي معربة أم مبنية؟ ومن قال : إنها صيغة مرتجلة ، ليست مقتطعة من المضارع فهي عندهم مبنيّة على الوقف ليس إلا ، انتهى.
__________________
(١) انظر مسائل خلافية في النحو للعكبري (١٤٤).