قال أبو حيّان (١) : وهذا الخلاف مبنيّ على خلافهم في اللام : أهي لام الابتداء ألزمت للفرق أم هي لام أخرى مجتلبة للفرق بينها وبين إن النافية؟
فعلى الأولى تكسر ، وعلى الثانية تفتح ، ووجه البناء أنها إذا كانت لام ابتداء فهي لا تدخل إلا في خبر المكسورة ، وإذا كانت غيرها لم يكن الفعل الذي قبلها مانعا لها من فتحها.
قال أبو حيّان : وهذا البناء إنما هو على مذهب البصريين ، وأما على مذهب الكوفيين فاللام عندهم بمعنى إلا ، وإن نافية ، لا حرف توكيد. فعلى مذهبهم لا يجوز في نحو : قد علمنا إن كنت لمؤمنا إلّا كسر (إن) ، لأنها عندهم حرف نفي. والتقدير : «قد علمنا ما كنت إلا مؤمنا».
مسألة : متى تقع أن المفتوحة ومعمولاها اسما لأن المكسورة
تقع (أنّ) المفتوحة ومعمولاها اسما لأنّ المكسورة بشرط الفصل بالخبر ، نحو : إنّ عندي أنّك فاضل. وقال الفرّاء : لو قال قائل : أنّك قائم يعجبني ، جاز أن تقول : إن أنّك قائم يعجبني ، قال أبو حيّان : وهذا من الفرّاء (٢) بناء على رأيه أن (أن) يجوز الابتداء بها ، والجمهور على منعه.
مسألة : ما يلي إنّ المكسورة المخففة من الأفعال
إن خفّفت (إنّ) المكسورة لم يلها من الأفعال إلا ما كان من نواسخ الابتداء عند البصريين ، وجوّز الكوفيون غيره. وهو مبنيّ على مذهبهم أنها نافية. ذكر ذلك السخاويّ في (شرح المفصل).
مسألة : ما يجوز في إنّ إذا وقعت جوابا لقسم
إذا وقعت (إنّ) جواب قسم نحو : والله إنّ زيدا قائم ، فمذهب البصريين وجوب كسرها. وقيل : يجوز فتحها مع اختيار الكسر ، وقيل : يجوزان مع اختيار الفتح ، وعليه الكسائيّ ، والبغداديون. وقيل : يجب الفتح وعليه الفرّاء.
قال في (البسيط) : وأصل هذا الخلاف أنّ جملتي القسم والمقسم عليه هل إحداهما معمولة للأخرى ، فيكون المقسم عليه مفعولا لفعل القسم ، أو لا؟ وفي ذلك خلاف : فمن قال : نعم فتح ، لأنّ ذلك حكم (أنّ) إذا وقعت مفعولا ، ومن قال :
__________________
(١) انظر شرح التسهيل (٢ / ٢٣٠).
(٢) انظر شرح التسهيل (٢ / ١٣٥).