بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي أوجد الخلق ، وجعل لكلّ شيء مظهرين من الجمع والفرق ، والصلاة والسّلام على سيدنا محمد الذي سناه أضوأ من البرق.
هذا هو الفنّ الرابع من الأشباه والنظائر ، وهو فنّ الجمع والفرق. وهو قسمان :
أحدهما : الأبواب المتشابهة المفترقة في كثير من الأحكام.
والثاني : المسائل المتشابهة المفترقة في الحكم والعلّة وسمّيته : اللمع والبرق في الجمع والفرق.
القسم الأول
ذكر ما افترق فيه الكلام والجملة
قال ابن هشام في (المغني) (١) : الكلام أخصّ من الجملة لا مرادف لها. فإنّ الكلام هو القول المفيد بالمقصد ، والمراد بالمفيد ما دلّ على معنى ، يحسن السكوت عليه. والجملة عبارة عن الفعل وفاعله ، كقام زيد ، والمبتدأ وخبره ، كزيد قائم ، وما كان بمنزلة أحدهما ، نحو : ضرب اللصّ ، وأقائم الزيدان؟ ، وكان زيد قائما ، وظننته قائما. وهذا يظهر لك أنّهما ليسا مترادفين. كما يتوهمه كثير من الناس. وهو ظاهر قول الزمخشريّ في (المفصّل) (٢) ، فإنه بعد أن فرغ من حدّ الكلام قال : ويسمّى الجملة. والصواب أنها أعمّ منه ، إذ شرطه الإفادة بخلافها ، ولهذا تسمعهم يقولون : جملة الشرط ، جملة الجواب ، جملة الصلة. وكلّ ذلك ليس مفيدا ، فليس كلاما ، انتهى.
وقد نازعه بعضهم في ذلك ، وادّعى أنّ الصواب ترادف الكلام والجملة.
وأنصف الشيخ بدر الدين الدمامينيّ ، فذكر ما حاصله أنّ المسألة ذات قولين وأنّ كلّ طائفة ذهبت إلى قول.
قلت : وممن ذهب إلى الترادف ضياء الدين بن العلج صاحب البسيط في
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٤١٩).
(٢) انظر المفصّل (٦).