النحو ، وهو كتاب كبير نفيس في عدّة مجلدات. وأجاب عمّا ذكره ابن هشام في جملة الشرط ، ونحوها.
فقال في البسيط : قولهم إن المبدل منه في نيّة الطّرح ، أي في الأعمّ الأغلب ، فلا يقدح ما يعرض من المانع في بعض الصور ، نحو : جاءني الذي مررت به زيد ، للاحتياج إلى الضمير. قال : ونظيره أنّ الفاعل يطّرد جواز تقديمه على المفعول في الأعم الأغلب ، ولا يقدح في ذلك ما يعرض من المانع في بعض الصور ، وكذلك كلّ جملة مركبة تفيد ، ولا يقدح في ذلك تخلّف الحكم في جملتي الشرط والجزاء فإنها لا تفيد إحداهما من غير الأخرى.
وقال ابن جنّي في (كتاب التعاقب) : ينبغي أن تعلم أنّ العرب قد أجرت كلّ واحدة من جملتي الشرط وجوابه مجرى المفرد ، لأن من شرط الجملة أن تكون مستقلة بنفسها ، قائمة برأسها. وهاتان الجملتان لا تستغني إحداهما عن أختها ، بل كلّ واحدة منهما مفتقرة إلى التي تجاورها ، فجرتا لذلك مجرى المفردين اللذين هما ركنا الجملة وقوامها فلذلك فارقت جملة الشرط ، وجوابه مجاري أحكام الجمل. وقال الشيخ محبّ الدين ناظر الجيش : الذي يقتضيه كلام النحاة تساوي الكلام والجملة في الدّلالة ، يعني : كلّما صدق أحدهما صدق الآخر ، فليس بينهما عموم ، وخصوص ، وأمّا إطلاق الجملة على ما ذكر من الواقعة شرطا أو جوابا أو صلة فإطلاق مجازيّ ، لأن كلّا منها كان جملة قبل ، فأطلقت الجملة عليه باعتبار ما كان ، كإطلاق اليتامى على البالغين ، نظرا إلى أنّهم كانوا كذلك.
وقال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في (تعليقه على المقرّب) : الفرق بين الكلام والجملة أنّ الكلام يقال باعتبار الوحدة الحاصلة بالإسناد بين الكلمتين ، ويسمى الهيئة الاجتماعية ، وصورة التركيب ، وأنّ الجملة تقال باعتبار كثرة الأجزاء التي يقع فيها التركيب ، لأنّ لكلّ مركّب اعتبارين : الكثرة والوحدة ، فالكثرة باعتبار أجزائه ، والوحدة باعتبار هيئته الحاصلة في تلك الكثرة. والأجزاء الكثيرة تسمى مادة ، والهيئة الاجتماعية الموحّدة تسمّى صورة.
الفرق بين تقدير الإعراب وتفسير المعنى
عقد له ابن جنّي بابا في (الخصائص) (١). قال : هذا الموضع كثيرا ما يستهوي من يضعف نظره ، إلى أن يقوده إلى إفساد الصنعة. وذلك كقولهم في تفسير قولنا :
__________________
(١) انظر الخصائص (١ / ٢٧٩).