يعقوب : المعنى والله يسلمك. فهذا تفسير المعنى ، وأما تفسير اللفظ فتقديره : بذي سلامتك.
وقال ابن مالك في (شرح الكافية) : ومن الاستثناء بليس قول النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم : «يطبع المؤمن على كلّ خلق ليس الخيانة والكذب» (١) أي : ليس بعض خلقه الخيانة والكذب. هذا التقدير الذي يقتضيه الإعراب ، والتقدير المعنوي : يطبع على كلّ خلق لا الخيانة والكذب.
(فائدة) : قال ابن عصفور في (شرح المقرّب) : فإن قيل : لم صار المتعجّب من وصفه على طريقة ما أفعله مفعولا ، وعلى طريقة أفعل به فاعلا ، مع أنّ المعنى عندهم واحد ، وإنّما الباب أن يختلف الإعراب إذا اختلف المعنى؟.
فالجواب : أنّ ذلك من قبيل ما اختلف فيه الإعراب ، والمعنى متّفق ، نحو : ما زيد قائما في اللغة الحجازية ، وما زيد قائم في اللغة التميميّة.
الفرق بين الإعراب التقديري والإعراب المحلي
قال ابن يعيش (٢) : الإعراب يقدّر على الألف المقصورة ، لأنّ الألف لا تحرّك بحركة ، لأنّها مدّة في الحلق ، وتحريكها يمنعها من الاستطالة والامتداد ، ويفضي بها إلى مخرج الحركة. فكون الإعراب لا يظهر فيها لم يكن لأنّ الكلمة غير معربة ، بل لنبوّ في محلّ الحركة ، بخلاف من ، وكم ، ونحوهما من المبنيّات. فإن الإعراب لا يقدّر على حرف الإعراب منها ، لأنه حرف صحيح يمكن تحريكه. فلو كانت الكلمة في نفسها معربة لظهر الإعراب فيه ، وإنما الكلمة جمعاء في موضع كلمة معربة. وكذلك ياء المنقوص لا يظهر فيها حركة الرفع والجرّ لثقل الضمّة والكسرة على الياء المكسور ما قبلها ، فهي نائبة عن تحمّل الضمة والكسرة.
وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الفرق بين الموضع في المبنيّ والموضع في المعتلّ أنّا إذا قلنا في قام هؤلاء : إن هؤلاء في موضع رفع ، لا نعني به أن الرفع مقدّر في الهمزة ، كيف ، ولا مانع من ظهوره لو كان مقدّرا فيها ، لأنّ الهمزة حرف جلد يقبل الحركات. وإنما نعني به أنّ هذه الكلمة في موضع كلمة إذا ظهر فيها الإعراب تكون مرفوعة بخلاف العصا ، فإنّا إذا قلنا : إنها في موضع رفع ، نعني به أن الضمة
__________________
(١) انظر إتحاف السادة المتقين (٧ / ٥١٨) ، والدرّ المنثور (٣ / ٢٩٠).
(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٥).