ذكر الفرق بين علم الشخص وعلم الجنس واسم الجنس
قال في (البسيط) : علم الجنس كأسامة وثعالة في تحقيق علميّته أربعة أقوال :
أحدها لأبي سعيد ، وبه قال ابن بابشاذ وابن يعيش (١) : إنه موضوع على الجنس بأسره ، بمنزلة تعريف الجنس باللام في كثرة الدينار والدرهم ، فإنّه إشارة إلى ما ثبت في العقول معرفته ، ويصير وضعه على أشخاص الجنس كوضع زيد ، علمين على أشخاصهما ، ولذلك يقال : ثعالة يفرّ من أسامة ، أي أشخاص هذا الجنس تفرّ من أشخاص هذا الجنس. وإنما لم يحتاجوا في هذا النوع إلى تعيين الشخص بمنزلة الأعلام الشخصيّة ، لأنّ الأعلام الشخصية تحتاج إلى تعيين أفرادها ، لأنّ كلّ فرد من أفرادها يختصّ بحكم لا يشاركه فيه غيره ، ولا يقوم غيره مقامه فيما يطلب منه من معاملة أو استعانة ، أو غير ذلك. وأما أفراد أنواع الوحوش والحشرات فلا يطلب منها ذلك فلذلك لم يحتج إلى تعيين أفرادها ، ووضع اللفظ علما على جميع أفراد النوع لاشتراكها في حكم واحد.
قال ابن يعيش (٢) : تعريفها لفظيّ ، وهي في المعنى نكرات ، لأنّ اللفظ وإن أطلق على الجنس ، فقد يطلق على أفراده ، ولا يختصّ شخصا بعينه ، وعلى هذا فيخرج عن حدّ العلم.
والقول الثاني لابن الحاجب (٣) : إنّها موضوعة للحقائق المتّحدة في الذهن بمنزلة التعريف باللام للمعهود في الذهن : نحو : أكلت الخبز ، وشربت الماء لبطلان إرادة الجنس ، وعدم تقدّم المعهود الوجودي. وإذا كانت موضوعة على الحقيقة المعقولة المتحدة في الذهن ، فإذا أطلقت على الواحد في الوجود فلا بدّ من القصد إلى الحقيقة ، وصحّ إطلاقها على الواحد في الوجود لوجود الحقيقة المقصودة ، فيكون التعدد باعتبار الوجود لا باعتبار الوضع ، لأنه يلزم إطلاقه على الحقيقة باعتبار الوجود المتعدّد.
قلنا : وإن جعلت المغايرة بذلك بين الحقائق إلّا أنّه بمنزلة المتواطئ الواقع على حقائق مختلفة بمعنى واحد ، كالحيوان الذي تشترك فيه حقائق التواطؤ المختلفة. فكذلك هاهنا يشترك الذهنيّ والوجوديّ في الحقيقة ، وإن كان الوجودي مغايرا
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٣٥).
(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٣٥).
(٣) انظر شرح الكافية (٢ / ١٣٢).