ثمّ خالفت ما ليس في عشرة أوجه : يبطل عملها بزيادة إن ودخول (إلا) ، وتقديم الخبر ومعموله ، وإذا عطف عليها سببيّ نحو : ما زيد راكبا ولا سائرا أخوه ، جاز في سائر الرفع والنصب ، أو أجنبيّ لم يجز إلّا الرفع نحو : ما زيد سائرا ولا ذاهب عمرو ، ولا تحمل الضمير فلا يقال : زيد ما قائما ، كما يقال : زيد ليس قائما ، ولا تفسّر فعلا لأنّ الأفعال يفسّر بعضها بعضا ، وإذا كان بعد الاسم فعل فالحمل عليه أولى من الاسم نحو : ما زيدا أضربه ، على تقدير ما أضرب زيدا أضربه ، وهو أولى من رفعه. ولا يخبر عنها بفعل ماض ، لا يقال : ما زيد قال ، لأنّها لنفي الحال. ولا يحسن تقديم الخبر المجرور ، نحو : ما بقائم زيد كحسنه في ليس.
قال : فجميع ما جاز في ما يجوز في ليس ، ولا يجوز في ما جميع ما جاز في ليس ، لقوّة ليس في بابها بالفعلية ، والشيء إذا شابه الشيء فلا يكاد يشبهه ، من جميع وجوهه. وقال نظما : [الطويل]
تفهّم فإنّ الفرق قد جاء بين (ما) |
|
(وليس) بعشر بيّنت لأولي الفهم |
زيادة إن من بعدها مبطل لها |
|
وإلا وأخبار يقدّمن للعلم |
ومعمولها يجري كذاك مقدّما |
|
ومسألة في العطف تشهد بالحكم |
ويمتنع الإضمار في ذاتها ، ولا |
|
تفسّر فعلا للذكيّ ، ولا الفدم |
وإن كان بعد الاسم فعل فحمل ما |
|
تضمّنه للفعل أولى من الاسم |
ولا تجعل الماضي إذن خبرا لها |
|
ولا الباء في تقديمه تحمدن قسمي |
ذكر ما افترقت فيه (لا) و (ليس)
قال ابن هشام في (المغني) (١) : (لا) العاملة عمل ليس تخالف ليس في ثلاث جهات :
أحدها : أنّ عملها قليل ، حتى ادّعي أنّه ليس بموجود.
الثاني : أنّ ذكر خبرها قليل ، حتى إنّ الزّجاج لم يظفر به ، فادّعى أنها إنما تعمل في الاسم خاصة ، وأن خبرها مرفوع.
الثالث : أنها لا تعمل إلا في النكرات.
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٢٦٤).