واستغناء الفعل بفاعله وأنّ في الفعل دليلا عليه ، كما كان فيه دليل على المفعول. ولهذا الشّبه استحّقت أن تكون منصوبة مثله.
وتفارقه في أنّها هي الفاعل في المعنى ، وليست غيره. فالراكب في : جاء زيد راكبا ، هو زيد. وليس المفعول كذلك ، بل لا يكون إلا غير الفاعل ، أو في حكمه ، نحو : ضرب زيد عمرا. ولذلك امتنع ضربتني وضربتك ، لاتّحاد الفاعل والمفعول. فأمّا قولهم : ضربت نفسي فالنفس في حكم الأجنبيّ ، ولذلك يخاطبها ربّها ، فيقول : يا نفس اقلعي ، مخاطبة الأجنبيّ.
ويعمل فيها الفعل اللازم ، وليس المفعول كذلك.
ولا تكون إلا نكرة ، والمفعول يكون نكرة ومعرفة. ولها شبه خاصّ بالمفعول فيه وخصوصا ظرف الزمان ، وذلك لأنّها تقدّر بفي كما يقدّر الظرف بفي. فإذا قلت : جاء زيد راكبا ، فتقديره : في حال الركوب ، كما أن جاء زيد اليوم تقديره : في اليوم. وخصّ الشبه بظرف الزمان. لأن الحال لا تبقى ، بل تنتقل إلى حال أخرى ، كما أن الزمان منقض لا يبقى ، ويخلفه غيره.
وقال الزمخشريّ في (المفصّل) (١) : يجوز إخلاء الجملة الحاليّة المقترنة بالواو عن الراجع إلى ذي الحال ، إجراء لها مجرى الظرف ، لانعقاد الشبه بينها وبينه.
وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الحال تشبه الظرف في أنها مقدّرة بفي ، وتفارقه في أنّ (في) تدخل على لفظ الظرف ، وفي الحال تدخل على حال مضافة إلى مصدرها ، نحو : جاء زيد قائما أي في حال قيامه.
وقال السخاويّ في (شرح المفصّل) : الحال تشبه المفعول به ، وظرف الزمان ، والصّفة ، والتمييز والخبر.
أما شبهها بالمفعول به فلأنّ في الفعل دلالة على كلّ واحد منهما ، فإذا قلت : (ضربت) دلّ ذلك على مضروب وعلى حال. ولأنّ كلّ واحد من الحال والمفعول اسم جاء بعد استقلال الفعل بالفاعل.
وأما شبهها بالظرف فمن قبل أنها مفعل فيها ، وأنها تنتقل كانتقال الزمان وانقضائه ، ويحسن فيها دخول في.
وأما شبهها بالصفة فإنّ الصفة أصل الحال ، والحال منقولة من الصفة إلى
__________________
(١) انظر المفصّل (٦٤).