ذكر ما افترق فيه المصدر والفعل
قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : يحذف الفاعل من المصدر ، نحو : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد : ١٤ ـ ١٥] بخلاف الفعل ، فإنه لا يحذف معه ، لأنّ في ذلك نقضا للغرض ، لأنه بني للإخبار عنه ، والمصدر لم يبن لفاعل ولا مفعول. وإنما يطلبهما من جهة المعنى ، فكما يحذف معه المفعول يحذف الفاعل ، لأن بنية المصدر لهما سواء.
ذكر ما افترق فيه المصدر و (أن) و (أنّ) وصلتهما
افترقا في أمور :
الأول والثاني : قال ابن مالك في (شرح العمدة) : إذا لم يشارك المصدر المعلّل في الفاعل والزمان معا فلا بدّ من حرف التعليل ، نحو : جئتك لرغبتك فيّ ، أو جئتك الساعة لوعدي إياك أمس. فلو كان المصدر أن وصلتها ، أو أنّ وصلتها لم يجب حرف التعليل ، فيجوز أن يقال : جئتك أن رغبت فيّ ، وجئتك الساعة أن وعدتك أمس ، وكذلك أنك رغبت فيّ ، لأنّ أن وأنّ قد اطّرد فيهما جواز الاستغناء عن حروف الجرّ في هذا الباب وغيره ، انتهى.
يشير بقوله : (وغيره) ، إلى قوله في الألفية في باب التعدّي واللزوم :
والحذف مع أنّ وأن يطّرد |
|
مع أمن لبس ، كعجبت أن يدوا |
فيقال : عجبت أن قمت ، وعجبت عن قيامك بإظهار الجارّ مع المصدر وجوبا ، وحذفه مع أن أو أنّ وصلتها.
الثالث : قال أبو حيّان : زعم ابن الطراوة أنه لا يجوز أن يضاف إلى أن ومعمولها. قال : لأنّ أن معناها التراخي ، فما بعدها في جهة الإمكان وليس بثابت ، والنيّة في المضاف إثبات عينه بثبوت عين ما أضيف إليه ، فإذا كان ما أضيف إليه غير ثابت في نفسه فأن يثبت غيره محال.
قال أبو حيّان : وهو مردود بالسماع ، فقد حكاها الثقات عن العرب في قولهم : مخافة أن تفعل. ويقال : أجيء بعد أن تقوم ، وقبل أن تخرج.
الرابع : قال ابن يعيش (١) : قالوا في التحذير : إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب ،
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢٦).