وقال الأندلسيّ في (شرح المفصل) : الفرق بين ذكر (أن) مع الفعل بمعنى المصدر ، وبين الإفصاح بذكر المصدر من وجهين :
أحدهما : ذكره عليّ بن عيسى ، أن ذكر المصدر بمنزلة المجمل ، لأنه يحتمل الفعل الذي نسب إلى فاعله ، والفعل الذي فعل ، والفعل الذي فعله ، وإذا ذكرت (أن) مع الفعل فقد أفصحت بالمعنى الذي أردت من ذلك. مثال ذلك : أعجبني أن ضرب زيد ، وأن ضرب زيد ، وأن تضرب وأن يضرب زيد.
والآخر : أنّ ذكر المصدر لا يدلّ على زمان بعينه ، وذكر (أن) مع الفعل يدلّ على أنّ الفعل وقع من فاعله فيما مضى ، أو يقع فيما يأتي.
وفرق ثالث وهو أنّ (أن) وصلتها له شبه بالمضمر في أنّه لا يوصف ، ولذلك اختار الجرمي في البرّ من قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) [البقرة : ١٧٧] النصب لأنه إذا اجتمع مضمر ومظهر فالوجه أن يكون المضمر الاسم ، لأنه أذهب في الاختصاص ، انتهى.
وفي تذكرة ابن مكتوم عن تعاليق ابن جنّي : من قال (١) : [البسيط]
[ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت] |
|
فإنّما هي إقبال وإدبار |
لم يقل : فإنما هي أن تقبل وأن تدبر. وإن كان هذا بمعنى المصدر ، وذلك لأن قوله إقبال مصدر دالّ على الأزمنة الثلاثة دلالة مبهمة غير مخصوصة ، فهو عامّ ، وقولك أن تقبل خاصّ ، لأنّ أن تخصّص الاستقبال. فلما كانوا توسّعوا في الأول ، وهو المصدر ، لم يتوسّعوا في هذا الثاني ، وإن كان معناه المصدر للمخالفة التي بينهما ، انتهى.
ذكر ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل
في تذكرة ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرماح :
يفارق المصدر اسم الفاعل في عمله مطلقا ، وعدم تقديم معموله ، وإضافته للفاعل ، وتعريفه بأل العهديّة والجنسية غير الموصولة ، وعدم الجمع بين أل والإضافة ، وعدم الاعتماد والعمل غير مفرد إلا في (٢) : [الطويل]
[وعدت وكان الخلف منك سجيّة] |
|
مواعيد عرقوب أخاه [بيثرب] |
__________________
(١) مرّ الشاهد رقم (٤٠).
(٢) مر الشاهد رقم (٢٣٢).