ذكر ما افترق فيه الصفة المشبّهة واسم الفاعل
قال ابن القوّاس في (شرح الكافية) : الصفة المشبّهة تشبه اسم الفاعل من وجوه ، وتفارقه من وجوه. أما وجوه الشّبه فأربعة : التذكير ، والتأنيث ، والتثنية ، والجمع. وأما وجوه المفارقة فسبعة :
أحدها : أنها لا تعمل إلا في السببيّ دون الأجنبي ، نحو : زيد حسن وجهه ولا يجوز : حسن وجه عمرو كما يجوز ضارب وجه عمرو لنقصانها عن مرتبة اسم الفاعل.
والثاني : لا يتقدّم معمولها عليها ، فلا يقال : زيد وجها حسن ، كما يقال : زيد عمرا ضارب.
والثالث : عدم شبه الفعل ، ولذلك احتاجت في العمل إلى شبه اسم الفاعل.
الرابع : أنها لا توجد إلا ثابتة في الحال ، سواء كانت موجودة قبله أو بعده فإنها لا تتعرض لذلك ، بخلاف اسم الفاعل فإنه يدلّ على ما يدلّ عليه الفعل ، ويستعمل في الأزمنة الثلاثة ، ويعمل منها في الحال والاستقبال ، ولذلك إذا قصدنا بالصفة معنى الحدوث أتي بها على زنة اسم الفاعل فيقال في حسن : حاسن. فحسن هو الذي ثبت له الحسن مطلقا ، وحاسن الذي ثبت له الآن أو غدا. وفي التنزيل (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : ١٢] ، فعدل عن ضيّق إلى ضائق ، ليدلّ على عروض ضيق ، وكونه غير ثابت في الحال.
لا يقال فإذا دلّت على معنى ثابت كانت مأخوذة من الماضي ، لكونه قد ثبت ، وحينئذ فيلزم ألّا تعمل ، لكون اسم الفاعل المشبهّة به للماضي ، وهو لا يعمل. لأنّا نقول : إنما يلزم ذلك أن لو كان دلالتها على الثبوت ، وتعلّقها بالماضي يخرجها عن شبه اسم الفاعل للحال مطلقا ، وهو ممنوع. بل معنى الحال موجود فيها ، فإنك إذا قلت : مررت برجل حسن الوجه ، دلّ على أنّ الصفة موجودة لاتصال زمانها من إخبارك ، لا أنها وجدت ثمّ عدمت.
الخامس : أنها لا تؤخذ إلا من فعل لازم.
السادس : أنها إذا دخل عليها أل وعلى معمولها كان الأجود في معمولها الجرّ ، بخلاف اسم الفاعل فإن النصب فيه أجود.
السابع : أنه لا يجوز أن يعطف على المجرور بها بالنصب ، فلا يقال : زيد كثير المال والعبيد ، بنصب العبيد ، كما يقال : زيد ضارب عمرو ، وبكرا لأنه إنما يعطف على الموضع بالنصب إذا كان المعطوف عليه منصوبا في المعنى.