سائر الأسماء العاملة ، والجواب عن البيت أنّ القوانس منصوب بفعل دلّ عليه أضرب ، أي : نضرب القوانسا ، وعن القياس أنه مدفوع بالفارق من وجهين :
أحدهما : أنّ الأسماء العاملة لها أفعال بمعناها ، فلذلك عملت نظرا إلى الفعل الذي بمعناها ، وأفعل التفضيل ليس له فعل بمعناه في الزيادة حتى يعمل نظرا إلى فعله.
والثاني : أنّ أصل العمل للفعل ، ثمّ لما قويت مشابهته له ، وهو اسم الفاعل واسم المفعول ، ثمّ لما شبه بهما من طريق التثنية والجمع والتذكير والتأنيث وهي الصفة المشبّهة. وأفعل التفضيل إذا صحبته (من) امتنعت منه هذه الأحكام ، فبعد لذلك عن شبه الفعل ، فلذلك لم يعمل في الظاهر. ذكره صاحب (البسيط).
ذكر ما افترق فيه نعم وبئس وحبّذا
قال ابن النحّاس في (التعليقة) : (حبّذا) كنعم وبئس في المبالغة في المدح والذمّ ، إلّا أنّ بينهما فرقا ، وهو أنّ حبّذا مع كونها للمبالغة في المدح تتضمّن تقريب الممدوح من القلب وكذلك في الذمّ تتضمّن بعد المذموم من القلب. وليس في نعم وبئس تعرّض لشيء من ذلك.
قال : ومما افترقا فيه : أنّه يجوز في حبّذا الجمع بين الفاعل الظاهر والتمييز ، من غير خلاف ، نحو : حبّذا رجلا زيد. وجرى في نعم وبئس خلاف ، فمنعه جماعة وجوّزه آخرون منهم الفارسيّ والزمخشريّ ، وفصّل جماعة منهم ابن عصفور ، فقالوا : إن اختلف لفظ الفاعل الظاهر والتمييز ، وأفاد التمييز معنى زائدا جاز الجمع بينهما وإلّا لم يجز.
قال : وإنما جرى الخلاف في نعم وبئس ، ولم يجر في حبّذا لأنّ بينهما فرقا ، وهو أنّ الفاعل في حبّذا ـ وهو اسم الإشارة ـ مبهم ، فله مرتبة من مرتبتي فاعلي نعم وهما المظهر والمضمر. فليس اسم الإشارة واضحا كوضوح فاعل نعم المظهر ، فلا يحتاج إلى تمييز ، ولا مبهما كإبهام المضمر في نعم ، فيلزم تمييزه. بل لمّا كان فيه إبهام فارق به الفاعل المظهر في نعم جاز أن يجمع بين الفاعل والتمييز في حبّذا. ولما قل إبهامه عن إبهام المضمر في نعم جوّزنا عدم التمييز في حبّذا ظاهرا ومقدّرا ، ولم نجزه في نعم ، انتهى.
ذكر ما افترقت فيه التوابع
قال في (البسيط) : الفرق بين الصفة والتأكيد من خمسة أوجه :