قال ابن هشام : وهو حسن ، قال : ويظهر لي أنّ الذي لحظه ابن مالك أنّ الموضع الذي يصلح أن تحلّ فيه إلى محلّ حتى العاطفة فهي فيه محتملة للجارّة ، فيحتاج حينئذ إلى إعادة الجار عند قصد العطف ، نحو : اعتكفت في الشهر حتى في آخره. وزعم ابن عصفور أنّ إعادة الجارّ مع حتى أحسن ، ولم يجعلها واجبة (١).
ذكر ما افترقت فيه النون الخفيفة والتنوين
قال ابن السرّاج في (الأصول) : النون الخفيفة في الفعل نظير التنوين في الاسم ، فلا يجوز الوقف عليها كما لا يوقف على التنوين. وقد فرّقوا بينهما بأنّ النون الخفيفة لا تحرّك لالتقاء الساكنين ، والتنوين يحرك لالتقاء الساكنين ، فمتى لقي النون الخفيفة ساكن سقطت. كأنّهم فضّلوا ما يدخل الاسم على ما يدخل الفعل ، وفصلوا بينهما.
وقال ابن النحّاس في (التعليقة) : إنّما حذفت النون الخفيفة ولم تحرّك حطّا لها عن درجة التنوين ، حيث كان التنوين يحرّك لالتقاء الساكنين غالبا ، لأنّ الأفعال أضعف من الأسماء ، فما يدخلها أضعف مما يدخل الأسماء مع أنّ نون التوكيد ليست ملازمة للفعل إلا مع المستقبل في القسم ، والتنوين لازم لكلّ اسم منصرف عري عن الألف واللام والإضافة ، فلما انحطّت النون عن التنوين ، وانحط ما تلحقه عما يلحقه التنوين ألزموها الحذف عند التقاء الساكنين.
قال أبو عليّ : لما يدخل الاسم على ما يدخل الفعل مزية ، يعني تفضيلهم التنوين بتحريكه لالتقاء الساكنين على النون بحذفها لالتقاء الساكنين.
ذكر ما افترق فيه تنوين المقابلة والنون المقابل له
قال ابن القوّاس في (شرح الدرّة) : اعلم أنّ تنوين المقابلة يفارق النون المقابل له في أنّ التنوين لا يثبت مع اللام ، ولا في الوقف بخلاف النون. وأن النون تجعل حرف الإعراب بخلاف التنوين.
ذكر ما افترقت فيه السين وسوف
قال ابن هشام في (المغني) (٢) : تنفرد (سوف) عن (السين) بدخول اللام عليها ، نحو : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) [الضحى : ٥] وبأنّها قد تفصل بالفعل الملغى كقوله : [الوافر]
__________________
(١) انظر أوضح المسالك (١ / ١٣).
(٢) انظر مغني اللبيب (١٤٨).