التاسع : أنّ لام الجحود لا تتعلّق إلا بمعنى الفعل الواجب حذفه.
فإن قلت : ما كان زيد ليقوم ، فكأنّك قلت : ما كان زيد مستعدا للقيام ، يقدّر في كلّ موضع ما يليق به على حسب مساق الكلام. ففي نحو قوله تعالى : (وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ) [يقدّر مريدا لإطلاعكم على الغيب ، وأما لام كي فإنّها متعلّقة بالفعل الظاهر الذي هو معلول للفعل الذي دخلت عليه اللام.
العاشر : أنّ لام الجحود تقع بعد ما لا يستقلّ أن يكون كلاما دونها ، ولام كي لا تقع إلا بعد ما يستقلّ كلاما. ولذلك كان الأحسن في تأويل قوله : [الوافر]
٣٣٦ ـ فما جمع ليغلب جمع قومي |
|
مقاومة ، ولا فرد لفرد |
أنّه على إضمار (كان) لدلالة المعنى عليه ، أي فما كان جمع ليغلب ، لتكون اللام فيه لام الجحود لا (لام كي) لأنّ ما قبلها وهو : فما جمع لا يستقلّ كلاما.
ذكر ما افترق فيه (الفاء) و (الواو) اللّذان ينصب المضارع بعدهما
قال (٢) أبو حيان : لا أحفظ النصب جاء بعد الواو بعد الدعاء والعرض والتحضيض والرجاء ، قال : فينبغي ألّا يقدم على ذلك إلا بسماع. قال : وكذلك مع التشبيه الواقع موقع النفي ومع قد المنفيّ بها ، فإنّ عموم قول التسهيل (٣) في مواضع الفاء يدلّ على الجواز معهما ، ويحتاج ذلك إلى سماع من العرب. وانفردت الفاء بأنّ ما بعدها في غير النفي يجزم عند سقوطها ، نحو : (وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) [الإسراء : ٥٣] ويرفع مقصودا به الوصف أو الاستئناف ، وأجاز الزجاجيّ الجزم في النفي أيضا ، فأجاز : ما تأتينا تحدّثنا ، وعلى هذا قال بعضها : كلّ ما تنصب فيه الفاء تجزم ، ولم يستثن شيئا.
ذكر ما افترقت فيه أن المصدرية وأن التفسيرية
قال أبو حيان : من الفرق بين (أن) المصدرية والمفسّرة (أنّ) المصدرية يجوز أن تتقدّم على الفعل لأنها معموله ، وإذا كانت مفسّرة لم يجز أن تتقدّمه لأن المفسّر لا يتقدّم المفسّر.
__________________
٣٣٦ ـ الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٥٦٠) ، والجنى الداني (ص ١١٧) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٥٧) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٥٢٦) ، ومغني اللبيب (١ / ٢١٢).
(١) انظر شرح التسهيل (٥ / ٣٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢).
(٢) انظر تسهيل الفوائد (٢٣١).