ذكر ما افترقت فيه لم ولمّا
قال ابن هشام في (المغني) (١) : افترقتا في خمسة أمور :
أحدها : أنّ (لمّا) لا تقترن بأداة شرط ، لا يقال : إن لما تقم و (لم) تقترن به ، نحو : (وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ) [المائدة : ٦٧].
الثاني : أنّ منفيّ لمّا يتّصل بالحال كقوله : [الطويل]
٣٣٧ ـ فإن كنت مأكولا فكن خير آكل |
|
وإلّا فأدركني ولمّا أمزّق |
ومنفيّ (لم) يحتمل الاتصال ، نحو : (وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا) [مريم : ٤] ، والانقطاع مثل : (لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً) [الدهر : ١] ولهذا جاز : لم يكن ثم كان ، ولم يجز : لما يكن ثم كان ، ولامتداد النفي بعد (لمّا) لم يجز اقترانها بحرف التعقيب ، بخلاف لم تقول : قمت فلم تقم ، لأنّ معناه وما قمت عقب قيامي ، ولا يجوز : قمت فلما تقم ، لأن معناه وما قمت إلى الآن.
الثالث : أنّ منفيّ (لمّا) لا يكون إلّا قريبا من الحال ، ولا يشترط ذلك في منفي لم ، تقول : لم يكن زيد في العام الماضي مقيما. ولا يجوز لما يكن.
الرابع : أنّ منفيّ (لمّا) متوقّع ثبوته بخلاف منفيّ لم ، ألا ترى أنّ معنى : (بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذابِ) [ص : ٨] أنهم لم يذوقوه إلى الآن ، وأن ذوقهم له متوقّع.
وقال الزمخشريّ في قوله تعالى : (وَلَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ) [الحجرات : ١٤] ما في (لمّا) من معنى التوقّع دالّ على أنّ هؤلاء قد آمنوا فيما بعد.
الخامس : أنّ منفيّ (لمّا) جائز الحذف لدليل ، كقوله : [الوافر]
٣٣٨ ـ فجئت قبورهم بدءا ، ولمّا |
|
فناديت القبور فلم يجبنه |
__________________
(١) انظر مغني اللبيب (٣٠٩).
٣٣٧ ـ الشاهد للممزّق العبدي (شأس بن نهار) في الاشتقاق (ص ٣٣٠) ، والأصمعيات (ص ١٦٦) ، وجمهرة اللغة (ص ٨٣٣) ، وخزانة الأدب (٧ / ٢٨٠) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٦٠) ، والشعر والشعراء (١ / ٤٠٧) ، ولسان العرب (مزق) ، و (أكل) ، وتاج العروس (مزق) و (أكل) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٥٩٠) ، وبلا نسبة في رصف المباني (ص ٢٨١) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٧٥) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٧٨).
٣٣٨ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (١٠ / ١١٣) ، والدرر (٤ / ٢٤٥) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٧٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٨١) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٤٩) ، ولسان العرب (لمم) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٨٠) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٧).