مسألة : يجوز الجمع بين المكسورتين
ولا يجوز بين المكسورة والمفتوحة
قال الأندلسي : فإن قلت : كيف يجوز الجمع بين المكسورتين في التأكيد مع اتحاد اللفظ والمعنى ولا يجوز في المكسورة والمفتوحة مع أنّ بينهما مغايرة ما؟.
قلت : الفرق أنّ إحدى الكلمتين هناك زائدة أو كالزائدة ، وهنا بخلافه بدليل أنّ كلّ واحد من الحرفين لا بدّ له من اسم وخبر ، ونظيره قولهم على ما نقله سيبويه (١) : إنّ زيدا لما لينطلقنّ.
مسألة : كسر إن وفتحها بعد إذا الفجائية
قال الأندلسيّ : قال السيرافيّ : يجوز بعد (إذا) التي للمفاجأة كسر إن وفتحها بخلاف حتى ، فأنّ المفتوحة لا تقع بعدها ، والفرق أن ما بعد إذا لا يلزم أن يكون ما قبلها ولا بعضه ، ويجوز أن يكون مصدرا وغير مصدر ، كقولك : خرجت فإذا أن زيدا صائح. فهنا تفتح أنّ ، لأن التقدير : خرجت فإذا صياح زيد ، وتكسر إذا أردت فإذا زيد صائح. وأمّا (حتى) فإن ما بعدها يكون جزءا مما قبلها ، لأنها هنا هي العاطفة ، وليست التي للغاية.
باب (ظنّ) وأخواتها
مسألة : الفرق بين علمت وعرفت من جهة المعنى
قال ابن جنّي في (الخاطريّات) : قلت لأبي علي : قال سيبويه (٢) : إذا كانت (علمت) بمعنى عرفت عدّيت إلى مفعول واحد ، وإذا كانت. بمعنى العلم عدّيت إلى مفعولين. فما الفرق بين علمت وعرفت من جهة المعنى؟
فقال : لا أعلم لأصحابنا في ذلك فرقا محصّلا. والذي عندي في ذلك أنّ (عرفت) معناها العلم الموصول إليه من جهة المشاعر والحواسّ بمنزلة (أدركت) ، وعلمت معناها العلم من غير جهة المشاعر والحواسّ ، يدلّك على ذلك في (عرفت) قوله تعالى : (يُعْرَفُ الْمُجْرِمُونَ بِسِيماهُمْ) [الرحمن : ٤١] ، والسيما تدرك بالحواس والمشاعر.
قلت له : أفيجوز أن يقال : (عرفت) ما كان ضدّه في اللفظ (أنكرت) ، وعلمت ما كان ضدّه في اللفظ (جهلت). فإذا أريد بعلمت العلم المعاقبة عبارته
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ١٧٢).
(٢) انظر الكتاب (١ / ٧٦).