على الحال ، أي : جريئا أو شديدا قويّا ، واستضعف مررت برجل أسد على الوصف. والفرق بينهما من وجهين :
أحدهما : أنّ الوصف أدخل في الاشتقاق من الحال.
والثاني : أنّ الحال تجري مجرى الخبر. وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة. قال : والقياس التسوية بينهما ، لأنه يرجع بالتأويل إلى معنى الوصف ، أو بحذف مضاف ، أي : مثل أسد.
وقال ابن يعيش (١) : الحال صفة في المعنى. ولذلك اشترط فيها ما يشترط في الصفات من الاشتقاق ، فكما أنّ الصفة يعمل فيها عامل الموصوف ، فكذلك الحال يعمل فيها العامل في صاحب الحال ، إلا أنّ عمله في الحال على سبيل الفضلة لأنها جارية مجرى المفعول ، وعمله في الصفة على سبيل الحاجة إليها ، إذ كانت مبينة للموصوف ، فجرت مجرى حرف التعريف. وهذا أحد الفروق بين الصفة والحال ، وذلك أنّ الصفة تفرق بين اسمين مشتركين في اللفظ ، والحال زيادة في الفائدة والخبر وإن لم يكن الاسم مشاركا في لفظه.
قال (٢) : وقد ضعّف سيبويه (٣) : مررت برجل أسد على أن يكون نعتا ، لأن أسدا اسم جنس جوهر ، ولا يوصف بالجوهر. لو قلت : هذا خاتم حديد ، لم يجز ، وأجاز هذا زيد أسدا على أن يكون حالا من غير قبح ، واحتجّ بأن الحال مجراها مجرى الخبر. وقد يكون خبرا ما لا يكون صفة. ألا تراك تقول : هذا مالك درهما ، وهذا خاتمك حديدا ، ولا يحسن أن يكون وصفا. وفي الفرق بينهما نظر ، وذلك أنه ليس المراد من السبع شخصه ، وإنما المراد أنه في الشدّة مثله ، والصفة والحال في ذلك سواء ، وليس كذلك الحديد والدرهم ، فإن المراد جوهرهما.
باب التمييز
مسألة : جواز تقديم التمييز على الفعل
قال ابن النحّاس في (التعليقة) : أجاز المازنيّ والمبرّد (٤) والكوفيّون تقديم التمييز على الفعل قياسا على الحال ومنعه أكثر البصريين ، والقياس لا يتّجه ، لأنّ
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥٧).
(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ٤٩).
(٣) انظر الكتاب (٢ / ١١٢).
(٤) انظر المقتضب (٣ / ٣٦).