والجامع بينهما شدّة الاتصال بما يتّصلان به. وذهب سيبويه (١) إلى منع العطف. والفرق من أوجه :
أحدها : أنّ تأكيده لا يزيل عنه العلل المذكورة في المنع بخلاف تأكيد الفاعل ، فإنه يزيل عنه المانع من العطف.
الثاني : أنّ تأكيد ضمير المجرور بضمير المرفوع على خلاف القياس ، وتأكيد ضمير الفاعل بضمير المرفوع جار على القياس ، فلا يلزم حمل الخارج عن القياس على الجاري على القياس.
الثالث : أنّ ضمير المجرور أشدّ اتصالا من ضمير الفاعل بدليل أنّ ضمير الفاعل قد يجعل منفصلا عند إرادة الحصر ، ويفصل بينه وبين الفعل ، ولا يمكن الفصل بين ضمير المجرور وعامله. فلمّا اشتدّ اتصاله قوي شبهه بالتنوين ، فلم يؤثر التأكيد في جواز العطف ، بخلاف الفاعل فإنه لمّا لم يشتدّ اتصاله أثر التوكيد في جواز العطف عليه.
الرابع : أنه يلزم من العطف مع تأكيد المجرور بالمرفوع ، نحو : مررت به هو وزيد مخالفة اللفظ والمعنى.
أما اللفظ فإنّ قبله ضمير المرفوع ، ولم يحمل العطف عليه.
وأما المعنى فإن معنى المجرور غير معنى المرفوع ، ولا يلزم من العطف على تأكيد ضمير الفاعل لا مخالفة اللفظ ولا مخالفة المعنى ذكر ذلك في (البسيط).
مسألة : لا يجوز العطف على الضمير
المرفوع المتصل من غير تأكيد وفاصل ما
لا يجوز العطف على الضمير المرفوع المتّصل من غير تأكيد أو فاصل ما عند البصريين وجوّزه الكوفيون قياسا على البدل. والفرق على الأول أنّ البدل هو المبدل منه في المعنى ، فلذلك جاز من غير شرط التأكيد ، وأما العطف فالثاني مغاير للأول ، فلا بدّ من تقوية للأوّل تدلّ على أنّ المعطوف المغاير متعلّق به دون غيره ، بخلاف البدل فإنه لا يحتاج إلى تقوية لعدم المغايرة.
باب النداء
مسألة : ما يجوز في وصف المنادى المضموم
يجوز في وصف المنادى المضموم ، نحو : يا زيد الطويل أن ترفع الصفة حملا على اللفظ ، وتنصبها على الموضع.
__________________
(١) انظر الكتاب (٢ / ٤٠٣).