ولقائل أن يقول : لا يجوز تقديم معمول الفعل بعد (إذن) ، لأنها إن كانت مركّبة من : (إذ وأن) ، أو من : (إذا وأن) ، فلا يجوز تقديم المعمول كما لا يجوز في أن ، وإن كانت بسيطة. وأصلها (إذ) الظرفية ، ونوّنت ، فلا يجوز أيضا لأنّ ما كان في حيّز إذا لا يجوز تقديمه عليها. وإن كانت حرفا محضا فلا يجوز أيضا ، لأنّ ما فيه من الجزاء يمنع أن يتقدّم معمول ما بعدها عليها. ولما كان من مذاهب الكوفيين جواز تقدّم معمول فعل الشرط على أداة الشرط أجازوا ذلك في إذن ، كما أجازوا ذلك في (إن) ، نحو : زيدا إن تضرب أضرب.
مسألة : لم أجاز سيبويه إظهار أن مع لام كي ولم يجزه مع لام النفي
قال أبو حيّان (١) : سأل محمد بن الوليد ابن أبي مسهر ـ وكانا قد قرأا كتاب سيبويه على المبرّد ورأى ابن أبي مسهر أن قد أتقنه ـ : لم أجاز سيبويه (٢) إظهار (أن) مع (لام كي) ، ولم يجز ذلك مع لام النفي؟ فلم يجب بشيء ، انتهى.
قال أبو حيّان : والسبب في ذلك أنّ : لم يكن ليقوم ، وما كان ليقوم إيجابه : كان سيقوم ، فجعلت اللام في مقابلة السين ، فكما لا يجوز أن يجمع بين أن الناصبة وبين السين أو سوف كذلك لا يجمع بين أن واللام التي هي مقابلة لها.
مسألة : سمع بعد كي وحتى الجر في الأسماء والنصب في الأفعال
سمع بعد (كي وحتى) الجرّ في الأسماء والنصب في الأفعال ، فاختلف النحويّون فقيل : كلّ منهما جارّ ناصب. وقيل : كلاهما جارّ فقط. والنصب بعدهما بأن مضمرة. وقيل : كلاهما ناصب والجرّ بعدهما بحرف جرّ مقدّر.
والصحيح ـ وهو مذهب سيبويه ـ في (كي) أنها حرف مشترك ، فتارة تكون حرف جرّ بمعنى اللام ، وتارة تكون حرفا موصولا ينصب المضارع بنفسه.
والصحيح من مذهبه في (حتى) أنها حرف جرّ فقط ، وأنّ النصب بعدها ب (أن) مضمرة لا بها.
قال أبو حيّان : فإن قلت : ما الفرق بينها وبين (كي) حيث صحح فيها أنها جارّة ناصبة بنفسها؟
قلت : النصب بكي أكثر من الجرّ ، ولم يمكن تأويل الجرّ ، لأنّ حرفه لا يضمر
__________________
(١) انظر شرح التسهيل (٥ / ١١).
(٢) انظر الكتاب (٣ / ٤).