فحكم به. و (حتّى) ثبت جرّ الأسماء بها كثيرا ، وأمكن حمل ما انتصب بعدها على ذلك بما قدّرنا من الإضمار ، والاشتراك خلاف الأصل ، ولأنها بمعنى واحد في الفعل والاسم بخلاف (كي) ، فإنها سبكت في الفعل ، وخلصت للاستقبال.
مسألة : لماذا عملت أن في المضارع ولم تعمل ما
قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : قال عليّ بن عيسى : إنما عملت (أن) في المضارع ، ولم تعمل (ما) لأنّ (أن) نقلته نقلين إلى معنى المصدر والاستقبال ، وما لم تنقله إلّا نقلا واحدا إلى معنى المصدر فقط ، وكلّ ما كان أقوى على تغيير معنى الشيء كان أقوى على تغيير لفظه.
وقال السيرافيّ : إنما لم ينصبوا ب (ما) إذا كانت مصدرا ، لأنّ الذي يجعلها اسما ـ وهو الأخفش ـ (يقول) : فإن كانت معرفة فهي بمنزلة الذي ، فيرتفع الفعل بعدها كما يرتفع في صلة الذي ، وإن كانت نكرة فيكون الفعل بعدها صفة ، فلا تنصبه. وأما سيبويه (١) فجعلها حرفا ، وجعل الفعل بعدها صلة لها.
والجواب على مذهبه : أنّ المعنى الذي نصبت به (أن) هو شبهها ب (أنّ) المشدّدة لفظا ومعنى ، ولذلك لم يجمعوا بينهما. فلا تقول : أنّ (أن) تقوم ، كما يستقبحون أنّ أنّ زيدا قائم ، وهذا مفقود في (ما) ، وأيضا (فما) يليها الاسم مرّة والفعل أخرى ، فلم تختصّ ، انتهى.
وقال ابن يعيش (٢) : الفرق بين أن وبين (ما) أنّ (ما) تدخل على الفعل والفاعل والمبتدأ والخبر ، وأن مختصّة بالفعل ، فلذلك كانت عاملة فيه ، ولعدم اختصاص ما لم تعمل شيئا.
باب الجوازم
مسألة : يجوز تسكين لام الأمر لا لام كي بعد الواو والفاء
يجوز تسكين لام الأمر بعد الواو والفاء ، نحو : (وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) [الحج : ٢٩] ، (فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي ، وَلْيُؤْمِنُوا بِي) [البقرة : ١٨٦] ولا يجوز ذلك في (لام كي).
وفرّق أبو جعفر النحاس بأنّ (لام كي) حذف بعدها (أن) ، فلو حذفت كسرتها أيضا لاجتمع حذفان بخلاف لام الأمر.
__________________
(١) انظر الكتاب (٣ / ٩).
(٢) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٤٣).