والثاني : أنّ أكثر الأعلام منقول عن الأجناس مغيّر عن وضعه الأول والحكاية تغيير مقتضى (من) والتغيير يؤنس بالتغيير.
والثالث : أنّ الأعلام كثيرة الاستعمال ، ويكثر فيها الاشتراك ، فرفع الحكاية يوهم أنّ المستفهم عنه غير السابق ، لجواز أنّ السامع لم يسمع أوّل الكلام. ذكر ذلك صاحب البسيط.
قال : والفرق بين (من) حيث يحكى بها العلم. وبين (أيّ) حيث لا يحكى بها بل يجب فيها الرفع ـ فإذا قيل : رأيت زيدا أو مررت بزيد ، يقال : أيّ زيد؟ من غير حكاية ـ أنّ (من) لمّا كانت مبنية لا يظهر فيها إعراب جازت الحكاية معها على خلاف ما يقتضيه خبر المبتدأ. وأما (أي) فإنها معربة يظهر فيها الرفع ، فاستقبح ، لظهور رفعها ، مخالفة ما بعدها لها.
ونظيره قول العرب : إنهم أجمعون ذاهبون. لما لم يظهر إعراب النصب في الضمير أكّدوه بالمرفوع ، ومنعهم ، إنّ الزيدين أجمعون ذاهبون ، لمّا ظهر إعراب النصب ألزموا التأكيد بالنصب.
مسألة : حكاية المتبع بتابع
لا يحكى المتبع بتابع غير العطف من نعت أو بيان أو تأكيد أو بدل اتفاقا. وأمّا المتبع بعطف النسق ففيه خلاف حكاه في التسهيل من غير ترجيح ، ورجّح غيره جواز حكايته.
قال أبو حيّان : والفرق بين العطف وبين غيره من التوابع أنّ العطف ليس فيه بيان للمعطوف عليه بخلاف غيره من التوابع ، فإنّ فيه بيانا أنّ المتبوع هو الذي جرى ذكره في كلام المخبر ، وأما في العطف فلا يبين ذلك بيانا ثابتا إلّا الحكاية وإيراد لفظ المخبر في كلام الحاكي على حاله من الحركات.
وقال صاحب (البسيط) : يشترط لجوازها أن يكون المعطوف عليه والمعطوف علمين ، نحو : رأيت زيدا وعمرا. فإن كان المعطوف عليه علما ، والمعطوف غير علم فنقل ابن الدّهان منع الحكاية. وهو الأقوى. ونقل ابن بابشاذ جوازها تبعا ، أو بعكسه لم تجز الحكاية اتفاقا.
باب النسب
قال أبو حيّان : فإن قلت : لم أجزت بيضات وجوزات بالتحريك ، ولم تجز طولي بالتحريك ، في النسبة إلى طويلة؟