قلت : بينهما فرق ، وهو أنّ الحركة في بيضات وجوزات عارضة فلم يعتدّ بها ، والنسبة بناء مستأنف.
باب التصغير
مسألة : الفرق بين تصغير أرؤس إذا سميت به امرأة وتصغير هند
قال أبو حيّان : (أرؤس) إذا سمّيت به امرأة ثم خفّفت الهمزة بحذفها ونقل حركتها إلى الراء فقيل (أرس) وصغّرتها قيل : (أريس) ، ولا تدخل الهاء وإن كان قد صار ثلاثيا. وإذا صغّرت هندا قلت : هنيدة بالهاء ، والفرق بينهما أنّ تخفيف الهمزة بالحذف والنقل عارض. فالهمزة مقدّرة في الأصل وكأنه رباعيّ لم ينقص منه شيء.
فإن قلت : لم لا تلحقه بتصغير سماء إذا قلت سميّة ، أليس الأصل مقدّرا؟.
قلت : لا يشبه تصغير سماء ، لأنّ التخفيف جائز في أرؤس عارض بخلاف سماء ، فإنّ الحذف لها لازم ، فيصير على ثلاثة أحرف إذا صغّرت فتلحقها الهاء.
وبهذا الفرق بين أرؤس وسماء أجاب أبو إسحاق الزجّاج بعض أصحاب أبي موسى الحامض حين سأل أبا إسحاق عن ذلك ، وكان أبو موسى الحامض قد دسّ رجلا لقنا فطنا على أبي إسحاق ، فسأله عن مسائل فيها غموض ، هذه المسألة منها ، وكان في هذا المجلس المشوق الشاعر فأخذ ورقة ، وكتب من وقته يمدح أبا إسحاق ، ويذمّ من يحسده من أهل عصره ، فقال (١) : [الرجز]
صبرا أبا إسحاق عن قدرة |
|
فذو النّهى يمتثل الصّبرا |
واعجب من الدّهر وأوغاده |
|
فإنّهم قد فضحوا الدّهرا |
لا ذنب للدّهر ، ولكنّهم |
|
يستحسنون المكر والغدرا |
نبّئت بالجامع كلبا لهم |
|
ينبح منك الشمس والبدرا |
والعلم والحلم ومحض الحجى |
|
وشامخ الأطواد والبحرا |
والديمة الوطفاء في سحّها |
|
إذا الرّبا أضحت بها خضرا |
فتلك أوصافك بين الورى |
|
يأبين والتّيه لك الكبرا |
يظنّ جهلا والذي دسّه |
|
أن يلمسوا العيّوق والغفرا |
فأرسلوا النّزز إلى غامر |
|
وغمرنا يستوعب النّزرا |
فاله أبا إسحاق عن جاهل |
|
ولا تضق منك به صدرا |
وعن خشار غدر في الورى |
|
خطيبهم من فمه يخرى |
__________________
(١) الأبيات في مجالس العلماء للزجاجي (ص ٣١١) ، وكتاب المصون للعسكري (ص ٨٠).