الأصل أدنى شبهة ، لأنه على وفق الدليل ، ولذلك صرف (أربع) من قولك : مررت بنسوة أربع ، مع أن فيه الوصف والوزن اعتبارا لأصل وضعه ، وهو العدد.
وقال ابن إياز : أصل الأسماء الصرف لعلّتين :
إحداهما : أن أصلها الإعراب ، فينبغي أن تستوفي أنواعه.
والثانية : أن امتناع الصرف لا يحصل إلا بسبب زائد ، والصرف يحصل بغير سبب زائد ، وما حصل بغير سبب زائد أصل لما حصل بسبب زائد.
فإن قيل : لم لم تكن العلّة الواحدة مانعة من الصرف؟ قيل لوجوه :
أحدها : أن الأصل في الأسماء أن تكون منصرفة ، فليس للعلة الواحدة من القوة ما يجذبه عن الأصل ، وشبهوا ذلك ببراءة الذمة ، فإنها لما كانت هي الأصل لم تصر مشتغلة إلا بشهادة عدلين ، وذلك لأن الأصول تراعى ويحافظ عليها.
الثاني : أن الأسماء التي تشبه الأفعال من وجه واحد كثيرة.
ولو راعينا الوجه الواحد ، وجعلنا له أثرا كان أكثر الأسماء غير منصرف ، وحينئذ تكثر مخالفة الأصل.
الثالث : أن الفعل فرع عن الاسم في الإعراب ، فلا ينبغي أن يجذب الأصل إلى حيّز الفرع إلا بسبب قويّ.
فائدة : قال ابن مكتوم في تذكرته ، أنشد ابن خالويه في كتاب ليس [الطويل]
٢٧١ ـ فما خلّيت إلا الثلاثة والثّنى |
|
ولا قيّلت إلّا قريبا مقالها |
وهو حجّة لأنه أدخل تاء التأنيث على (ثلاث) المعدول ، وهو غريب.
فائدة : باب فعلان فعلى سماعي
قال في (البسيط) : باب فعلان فعلى ، كسكران سكرى ، وغضبان غضبى ، وعطشان عطشى إنما يعرف بالسماع دون القياس ، وقال ابن مالك ـ رحمه الله ـ : [الهزج]
أجز فعلى لفعلانا |
|
إذا استثنيت حبلانا |
ودخنانا ، وسخنانا |
|
وسيفانا ، وضحيانا |
وصوجانا ، وعلّانا |
|
وقشوانا ، ومصّانا |
وموتانا ، وندمانا |
|
وأتبعهنّ نصرانا |
__________________
٢٧١ ـ الشاهد بلا نسبة في لسان العرب (ثلث) ، و (ثني) ، وتاج العروس (ثلث) ، و (ثني) ، وفي اللسان : (فما حلبت).