وقال ابن يعيش (١) : جميع ما لا ينصرف يجوز صرفه في الشعر لإتمام القافية وإقامة وزنها بزيادة التنوين ، وهو من أحسن الضرورات لأنه ردّ إلى الأصل ، ولا خلاف في ذلك إلا ما كان في آخره ألف التأنيث المقصورة ، فإنه لا يجوز للضرورة صرفه ، لأنه لا ينتفع بصرفه ، لأنه لا يسدّ ثلمة في البيت من الشعر ، وذلك أنك إذا نوّنت مثل حبلى وسكرى حذفت ألف التأنيث لسكونها وسكون التنوين بعدها ، فلم يحصل بذلك انتفاع ، لأنك زدت التنوين ، وحذفت الألف ، فما ربحت إلا كسر قياس ، ولم تحظ بفائدة.
وقال ابن هشام في (تذكرته) : قال ابن عصفور كالمستدرك على النحاة : إنه يستثنى من قولنا ما لا ينصرف إذا اضطر إلى تنوينه صرف ما فيه ألف التأنيث المقصورة ، وتوجيهه أنه لا يجوز في الضرورة صرفه بوجه ، لأنك لو فعلته لم تعمل أكثر من أن تحذف حرفا ، وتضع آخر مكانه ، ولا ضرورة بك إلى ذلك.
قال ابن هشام : وكنت أقول لا يحتاج النحاة إلى استثناء هذا ، لأن ما فيه ألف التأنيث المقصورة لم يضطر إلى تنوينه على ما قال ، وكلامنا فيما يضطر إلى تنوينه.
ثم حكي لي عن ابن الصائغ أنه ردّ عليه فيما له على المقرّب استثناء هذا ، وأنه أفسد تعليله ، وقال : سلّمنا أنه لا فائدة في إزالة حرف ووضع حرف ، لكن ثمّ أمر آخر ، وهو أن هذا الحرف الذي وضعناه موضع الألف حرف صحيح قابل للحركة ، فإذا حرّك بأن يكسر لالتقاء الساكنين حصل به ما لم يكن قبل. وهذا حسن جدا.
فائدة : في (تذكرة التاج) لابن مكتوم قال في المستوفى : لا تكاد التثنية توجد إلا في اللغة العربية.
باب النكرة والمعرفة
قاعدة : التنكير أصل في الأسماء
الأصل في الأسماء التنكير ، والتعريف فرع عن التنكير.
قال ابن يعيش (٢) في (شرح المفصّل) : أصل الأسماء ، أن تكون نكرات ، ولذلك كانت المعرفة ذات علامة وافتقار إلى وضع لنقلها عن الأصل.
__________________
(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٦٧).
(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٩).