حسبك (١) مبتدأ لا خبر له على أحد الوجهين ، لكونه في معنى : اكتف ، وكذلك قول الشاعر : [المديد]
٢٧٦ ـ غير مأسوف على زمن |
|
ينقضي بالهمّ والحزن |
ومثله قول الآخر : [الخفيف]
٢٧٧ ـ غير لاه عداك فاطّرح الله |
|
وولا تغترر بعارض سلم |
فغير في البيتين مبتدأ لا خبر له ، على أحد الوجهين ، لأنه محمول على (ما) ، كأنه قيل : ما يؤسف على زمن كما في قولهم : ما قائم أخواك.
قاعدة : أصل المبتدأ والخبر
أصل المبتدأ أن يكون معرفة ، وأصل الخبر أن يكون نكرة وذلك لأن الغرض من الإخبارات إفادة المخاطب ما ليس عنده ، وتنزيله منزلتك في علم الخبر ، والإخبار عن النكرة لا فائدة فيه ، فإن أفاد جاز.
مسوّغات الابتداء بالنكرة : قال الشيخ جمال الدين بن هشام في (المغني) (٤) : لم يعوّل المتقدّمون في ضابط ذلك إلا على حصول الفائدة ، ورأى المتأخرون أنه ليس كل أحد يهتدي إلى مواطن الفائدة ، فتتبعوها ، فمن مقلّ مخلّ ، ومن مكثر مورد ما لا يصح ، أو معدّد لأمور متداخلة. قال : والذي يظهر لي أنها منحصرة في عشرة أمور :
أحدها : أن تكون موصوفة لفظا ، نحو : (وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) [الأنعام : ٢] ، (وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ) [البقرة : ٢٢١] أو تقديرا نحو : السمن منوان بدرهم ، أي : منه ، أو معنى نحو : رجيل جاءني ، لأنه في معنى : رجل صغير.
الثاني : أن تكون عاملة إما رفعا ، نحو : قائم الزيدان عند من أجازه ، أو نصبا نحو : «أمر بمعروف صدقة» (٥) أو جرّا ، نحو : غلام رجل جاءني.
__________________
(١) انظر المقتضب (٤ / ٣٨٣).
٢٧٦ ـ الشاهد لأبي نواس في الدرر (٢ / ٦) ، وأمالي ابن الحاجب (ص ٦٣٧) ، وخزانة الأدب (١ / ٣٤٥) ، ومغني اللبيب (١ / ١٥١) ، وبلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ١٧١) ، وشرح الأشموني (١ / ٨٩) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٠١) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥١٣) ، وهمع الهوامع (١ / ٩٤).
٢٧٧ ـ الشاهد بلا نسبة في تذكرة النحاة (ص ٣٦٦) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٠١) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٧٦).
(٢) انظر مغني اللبيب (٥٢٠).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ، كتاب : صلاة المسافرين رقم (٨٤) ، وأحمد في مسنده (٥ / ١٦٧).